فإنه سخي، فعلنه موسى وقال: " اذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا " لعذابك في القيامة " لن تخلفه " وأمر موسى عليه السلام بني إسرائيل أن لا يخالطوه ولا يقربوه، فصار السامري وحشيا لا يألف ولا يؤلف، ولا يدنو من الناس ولا يمس أحدا منهم، فمن مسه قرض ذلك الموضع بالمقراض، فكان كذلك حتى هلك.
قالوا: ثم إن الله سبحانه أمر موسى عليه السلام أن يأتيه في ناس من خيار بني إسرائيل يعتذرون إليه من عبادة قومهم العجل، فاختار موسى سبعين رجلا فأمر عليه السلام أن يصوموا ويتطهروا ويطهروا ثيابهم ويتطيبوا. ثم خرج موسى عليه السلام بهم إلى طور سيناء فلما دنا موسى عليه السلام الجبل وقع عليه عمود الغمام حتى تغشى الجبل كله ودنا موسى عليه السلام ودخل فيه، وقال للقوم: ادنوا، وكان عليه السلام إذا كلم ربه وقع على وجهه نور ساطع لا يستطيع أحد من بني إسرائيل أن ينظر إليه، فضرب دونه بالحجاب ودخل القوم في الغمام فخروا سجدا، فسمعوا الله سبحانه وهو يكلم موسى ويأمره وينهاه، وأسمعهم الله تعالى: إني أنا الله لا إله إلا أنا ذو بكة، أخرجتكم من أرض مصر فاعبدوني ولا تعبدوا غيري. فلما فرغ موسى من الكلام وانكشف الغمام أقبل إليهم فقالوا: " لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة " وهي نار جاءت من السماء فأحرقتهم جميعا. وقال وهب: بل أرسل الله إليهم جندا من السماء فلما سمعوا حسهم ماتوا يوما وليلة، فقال موسى: " رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا " يا رب كيف أرجع إلى بني إسرائيل وقد أهلكت خيارهم؟ فلم يزل موسى يناشد ربه عز وجل حتى أحياهم الله جميعا رجلا بعد رجل ينظر بعضهم إلى بعض كيف يحيون، فذلك قوله تعالى: " ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون ". (1) قالوا: فلما رجع موسى عليه السلام إلى قومه وقد أتاهم بالتوراة أبوا أن يقبلوها و يعملوا بما فيها للآصار (2) والأثقال والاغلال التي كانت فيها، فأمر الله تعالى جبرئيل فقلع جبلا على قدر عسكرهم وكان فرسخا في فرسخ ورفعه فوق رؤوسهم مقدار قامة الرجل