وقال الآخرون: كان حجرا مخصوصا بعينه والدليل عليه قوله: " الحجر " فادخل الألف واللام للتعريف والتخصيص مثل قولك: رأيت الرجل.
ثم اختلفوا في ذلك الحجر ما هو؟ فقال ابن عباس: كان حجرا خفيفا مربعا مثل رأس الرجل، امر أن يحمله فكان يضع في مخلاته، فإذا احتاجوا إلى الماء ألفاه (1) وضربه بعصاه فسقاهم، وقال أبو روق: (2) كان الحجر من الكدان وهو حجارة رخوة كالمدر وكان فيه اثنا عشر حفرة، ينبع من كل حفرة عين ماء عذب فيأخذونه، فإذا فرغوا وأراد موسى حمله ضربه بعصاه فيذهب الماء، وكان يسقي كل يوم ستمائة ألف.
ومنها أنهم قالوا لموسى في التيه: من أين لنا اللباس؟ فجدد الله لهم ثيابهم التي كانت عليهم حتى لا تزيد على كرور الأيام ومرور الأعوام إلا جدة وطراوة ولا تخلق ولا تبلى، وتنمو على صبيانهم كما ينمون. انتهى. (3) أقول: لا يخفى عليك مما أوردنا في تلك الأبواب أن موسى وهارون عليهما السلام لم يخرجا من التيه، (4) وإن حجر موسى عليه السلام كان حجرا مخصوصا وهو عند قائمنا عليه السلام وسيأتي الاخبار في ذلك في كتاب الغيبة.
وروى الثعلبي عن وهب بن منبه قال: أوحى الله تعالى إلى موسى أن يتخذ مسجدا لجماعتهم، وبيت المقدس للتوراة ولتابوت السكينة، وقبابا للقربان، وأن يجعل لذلك المسجد سرادقات ظاهرها وباطنها من الجلود الملبسة عليها، وتكون تلك الجلود من جلود ذبائح القربان، وحبالها التي تمد بها من أصواف تلك الذبائح، وعهد أن لا تغزل تلك الحبال حائض، وأن لا يدبغ تلك الجلود جنب، وأمره أن ينصب تلك السرادقات على عمد من نحاس طول كل عمود منها أربعون ذراعا، ويجعل منه (5) اثني عشر قسما مشرحا،