كان مشغولا بفاحشة فإذا دخل عليه رجل صالح على زي الصالحين استحيى منه وفر وترك ذلك العمل، وههنا رأى يعقوب عض على أنامله ولم يلتفت! ثم إن جبرئيل على جلالة قدره دخل عليه فلم يمتنع أيضا عن ذلك القبيح بسبب حضوره حتى احتاج جبرئيل إلى أن ركضه على ظهره! نسأل الله تعالى أن يصوننا عن العمى في الدين والخذلان في طلب اليقين، فهذا هو الكلام الملخص في هذه المسألة. انتهى. (1) أقول: قد عرفت أن الوجهين اللذين اختارهما أومأ الرضا عليه السلام إلى أحدهما في خبر أبي الصلت حيث قال: وأما قوله عز وجل في يوسف: " وقد همت به وهم بها " فإنها همت بالمعصية وهم يوسف بقتلها إن أجبرته لعظم ما داخله فصرف الله عنه قتلها والفاحشة، وهو قوله: " كذلك لنصرف عنه السوء " يعني القتل " والفحشاء " يعني الزنا، وأشار إليهما معا في خبر ابن الجهم حيث قال: لقد همت به، ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها كما همت، لكنه كان معصوما والمعصوم لا يهم بذنب ولا يأتيه، ولقد حدثني أبي، عن أبيه الصادق عليه السلام أنه قال: همت بأن تفعل وهم بأن لا يفعل.
أقول: لا يتوهم خطأ في قصده القتل، إذ الدفع عن العرض والاحتراز عن المعصية لازم وإن انجر إلى القتل، ولكن الله تعالى نهاه عند ذلك لمصلحة: إما لئلا يقتل قودا، (2) أو لئلا يتهم بسوء كما يومئ إليهما: " كذلك لنصرف عنه السوء " أو لغير ذلك من المصالح ويمكن أن يكون في شرعه عليه السلام قتل مريد مثل هذا الامر مجوزا، وعلى الخبر الأخير يمكن أن يكون المراد برؤية برهان ربه نزول جبرئيل عليه تعبيرا عن النبوة بما يلزمه.
ثم اعلم أن الاخبار الاخر الموافقة لجماعة كثيرة من المخالفين فظاهر أنها محمولة على التقية، وقد اتضح ذلك من الاخبار أيضا، وأما أخبار إلقاء الثوب فإذا لم نحملها على التقية فليس فيها تصريح بأن ذلك وقع بعد قصد الفاحشة أو رضاه عليه السلام بما همت