بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٣٣٣
فإن لم نقبله لزمنا تكذيب الرواة، فقلت له: يا مسكين إن قبلناه لزمنا الحكم بتكذيب إبراهيم، وإن رددناه لزمنا الحكم بتكذيب الرواة، ولا شك أن صون إبراهيم عليه السلام عن الكذب أولى من صون طائفة من المجاهيل عن الكذب، إذا عرفت هذا الأصل فنقول للواحدي: ومن الذين يضمن لنا أن الذين نقلوا هذا القول عن هؤلاء المفسرين كانوا صادقين أم كاذبين؟!
المسألة الثانية في أن المراد بذلك البرهان ما هو؟ أما المحققون المثبتون للعصمة فقد فسروا رؤية البرهان بوجوه:
الأول: أنه حجة الله تعالى في تحريم الزنا، والعلم بما على الزاني من العقاب.
والثاني: أن الله تعالى طهر نفوس الأنبياء عن الأخلاق الذميمة، بل نقول: إنه تعالى طهر نفوس المتصلين بهم عنها، كما قال: " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " (1) فالمراد برؤية البرهان هو حصول تلك الأخلاق وتذكير الأحوال الرادعة لهم عن الاقدام على المنكرات.
الثالث: أنه رأى مكتوبا في سقف البيت: " ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة و مقتا وساء سبيلا " (2).
الرابع: أنه النبوة المانعة من ارتكاب الفواحش، والدليل عليه أن الأنبياء بعثوا لمنع الخلق عن القبائح والفضائح، فلو أنهم منعوا الناس عنها ثم أقدموا على أقبح أنواعها وأفحش أقسامها لدخلوا تحت قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون.
كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون " (3) وأيضا إن الله تعالى عير اليهود بقوله: " أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم " (4) وما يكون عيبا في حق اليهود كيف ينسب إلى الرسول المؤيد بالمعجزات؟!

(١) الأحزاب: ٣٣.
(٢) الاسراء: ٣٢.
(٣) الصف: ٢ و ٣.
(٤) البقرة: ٤٤.
(٣٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 ... » »»
الفهرست