بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٣٣٧
محتملا سقط السؤال، وعندي أن هذا التأويل متعين لأنه يبعد من عقل يوسف ودينه أن يرضى بأن يسجد له أبوه مع سابقته في حقوق الولادة والشيخوخة والعلم والدين وكمال النبوة.
والوجه الثاني في الجواب أن يقال: إنهم جعلوا يوسف كالقبلة وسجدوا لله شكرا لنعمة وجدانه، وهذا أيضا تأويل حسن فإنه يقال: صليت للكعبة كما يقال: صليت إلى الكعبة.
قال حسان: ما كنت أعرف أن الامر منصرف * عن هاشم ثم منها عن أبي حسن أليس أول من صلى لقبلتكم * وأعرف الناس بالآثار والسنن وهذا يدل على أنه يجوز أن يقال: فلان صلى للقبلة، فكذلك يجوز أن يقال:
سجد للقبلة، فقوله: " وخروا له سجدا " أي جعلوه كالقبلة، ثم سجدوا لله شكرا لنعمة وجدانه.
الوجه الثالث في الجواب أن التواضع قد يسمى سجودا كقوله: ترى الاكم فيها سجدا للحوافر. فكان المراد ههنا التواضع إلا أن هذا مشكل لأنه تعالى قال: " وخروا له سجدا " والخرور إلى السجدة مشعر بالاتيان بالسجدة على أكمل الوجوه، وأجيب عنه بأن الخرور يعني به (1) المرور فقط، قال تعالى: " لم يخروا عليها صما وعميانا " (2) يعني لم يمروا.
الوجه الرابع في الجواب: أن نقول: الضمير في قوله: " وخروا له " غير عائد إلى الأبوين لا محالة، وإلا لقال: وخرا له ساجدين، بل الضمير عائد إلى إخوته وإلى سائر من كان يدخل عليه لأجل التهنئة، فالتقدير: ورفع أبويه على العرش، مبالغة في تعظيمهما وأما الاخوة وسائر الداخلين فخروا له ساجدين، فإن قالوا: فهذا لا يلائم قوله: " يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل " قلنا: إن تعبير الرؤيا لا يجب أن يكون مطابقا للرؤيا بحسب

(1) في المصدر: قد يعنى به. م (2) الفرقان: 73.
(٣٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 ... » »»
الفهرست