بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٣١٣
ابن إسحاق بن إبراهيم خليل الله صاحب نمرود الذي جمع لإبراهيم الحطب والنار ليحرقه بها فجعل الله عليه بردا وسلاما وأنجاه منها، أخبرك أيها العزيز أنا أهل بيت قديم لم يزل البلاء إلينا سريعا من الله ليبلونا بذلك عند السراء والضراء، وأن مصائب تتابعت علي منذ عشرين سنة، أولها أنه كان لي ابن سميته يوسف، وكان سروري من بين ولدي، و قره عيني، وثمرة فؤادي، وإن إخوته من غير أمه سألوني أن أبعثه معهم يرتع ويلعب فبعثته معهم بكرة، وإنهم جاؤوني عشاء يبكون وجاؤوني على قميصه بدم كذب فزعموا أن الذئب أكله، فاشتد لفقده حزني، وكثر على فراقه بكائي حتى ابيضت عيناي من الحزن، وإنه كان له أخ من خالته (1) وكنت به معجبا وعليه رفيقا، وكان لي أنيسا، و كنت إذا ذكرت يوسف ضممته إلى صدري فيسكن بعض ما أجد في صدري، وإن إخوته ذكروا لي أنك أيها العزيز سألتهم عنه وأمرتهم أن يأتوك به وإن لم يأتوك به منعتهم الميرة لنا من القمح من مصر فبعثته معهم ليتماروا لنا قمحا فرجعوا إلي فليس هو معهم، و ذكروا أنه سرق مكيال الملك، ونحن أهل بيت لا نسرق، وقد حبسته وفجعتني به، وقد اشتد لفراقه حزني حتى تقوس لذلك ظهري، وعظمت به مصيبتي مع مصائب متتابعات علي، (2) فمن علي بتخلية سبيله وإطلاقه من محبسه (3) وطيب لنا القمح، واسمح لنا في السعر، وعجل سراح آل يعقوب.
فلما مضى ولد يعقوب من عنده نحو مصر بكتابه نزل جبرئيل على يعقوب فقال له:
يا يعقوب إن ربك يقول لك: من ابتلاك بمصائبك التي كتبت بها إلى عزيز مصر؟ قال يعقوب: أنت بلوتني بها عقوبة منك وأدبا لي، قال الله: فهل كان يقدر على صرفها عنك أحد غيري؟ قال يعقوب: اللهم لا، قال: أفما استحييت مني حين شكوت مصائبك إلى غيري ولم تستغث بي وتشكو ما بك إلي؟! فقال يعقوب: أستغفرك يا إلهي وأتوب إليك وأشكو بثي وحزني إليك، فقال لله تبارك وتعالى: قد بلغت بك يا يعقوب وبولدك الخاطئين

(1) هذا الخبر يدل على أن بنيامين لم يكن من أم يوسف بل كان من خالته، وإنما دعاه أخا من أمه مجازا وسيأتي مثله تحت رقم 144 وغيره.
(2) في نسخة: تتابعت على.
(3) ": وإطلاقه من حبسك.
(٣١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 ... » »»
الفهرست