الثاني: أنه من حين بلوغهم، ولا يجوز عليهم الكفر والكبيرة قبل النبوة، وهو مذهب كثير من المعتزلة.
الثالث: أنه وقت النبوة، وأما قبله فيجوز صدور المعصية عنهم، وهو قول أكثر الأشاعرة ومنهم الفخر الرازي وبه قال أبو هذيل وأبو علي الجبائي من المعتزلة.
إذا عرفت هذا فاعلم أن العمدة فيما اختاره أصحابنا من تنزيه الأنبياء والأئمة عليهم السلام من كل ذنب ودناءة ومنقصة قبل النبوة وبعدها قول أئمتنا سلام الله عليهم بذلك المعلوم لنا قطعا " بإجماع أصحابنا رضوان الله عليهم، مع تأيده بالنصوص المتظافرة حتى صار ذلك من قبيل الضروريات في مذهب الإمامية.
وقد استدل عليه أصحابنا بالدلائل العقلية، وقد أوردنا بعضها في شرح كتاب الحجة، ومن أراد تفصيل القول في ذلك فليراجع إلى كتاب الشافي وتنزيه الأنبياء و غيرهما من كتب أصحابنا، والجواب مجملا " عما استدل به المخطؤون من إطلاق لفظ العصيان والذنب فيما صدر عن آدم عليه السلام هو أنه لما قال الدليل على عصمتهم نحمل هذه الألفاظ على ترك المستحب والأولى، أو فعل المكروه مجازا "، والنكتة فيه كون ترك الأولى ومخالفة الأمر الندبي وارتكاب النهي التنزيهي منهم مما يعظم موقعه لعلو درجتهم وارتفاع شأنهم، ولنذكر بعض ما احتج به المنزهون من الفريقين على سبيل الإجمال، ولهم في ذلك مسالك:
الأول: ما أورده السيد المرتضى قدس الله سره في كتاب تنزيه الأنبياء حيث قال: اعلم أن جميع ما ننزه الأنبياء عليهم السلام عنه ونمنع من وقوعه منهم يستند إلى دلالة العلم المعجز إما بنفسه أو بواسطة، وتفسير هذه الجملة أن العلم المعجز إذا كان واقعا " موقع التصديق لمدعي النبوة والرسالة وجاريا " مجرى قوله تعالى له: صدقت في أنك رسولي ومؤد عني فلابد من أن يكون هذا المعجز مانعا " من كذبه على الله تعالى فيما يؤديه، لأنه تعالى لا يجوز أن يصدق الكذاب، لأن تصديق الكذاب قبيح كما أن الكذب قبيح، فأما الكذب في غير ما يؤديه وسائر الكبائر فإنما دل المعجز على نفيها من حيث كان دالا