مناقيرهن بين أصابعه، ثم دعاهن بأسمائهن ووضع عنده حبا " وماء، فتطائرت تلك الأجزاء بعضها إلى بعض حتى استوت الأبدان، وجاء كل بدن حتى انضم إلى رقبته ورأسه، فخلى إبراهيم عليه السلام عن مناقيرهن، فطرن ثم وقعن فشربن من ذلك الماء والتقطن من ذلك الحب، وقلن: يا نبي الله أحييتنا أحياك الله، فقال إبراهيم عليه السلام: بل الله يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير.
قال المأمون: بارك الله فيك يا أبا الحسن، فأخبرني عن قول الله عز وجل:
" فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان " قال الرضا عليه السلام: إن موسى عليه السلام دخل مدينة " من مدائن فرعون على حين غفلة من أهلها وذلك بين المغرب والعشاء " فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوة فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه " فقضى موسى عليه السلام على العدو بحكم الله تعالى ذكره " فوكزه " فمات " قال هذا من عمل الشيطان " يعني الاقتتال الذي كان وقع بين الرجلين، لا ما فعله موسى عليه السلام من قتله " إنه " يعنى الشيطان " عدو مضل " قال المأمون: فما معنى قول موسى: " رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي "؟ قال: يقول: إني وضعت نفسي غير موضعها بدخولي هذه المدينة " فاغفر لي " أي استرني من أعدائك لئلا يظفروا بي فيقتلوني " فغفر له إنه هو الغفور الرحيم قال موسى رب بما أنعمت علي " من القوة حتى قتلت رجلا " بوكزة " فلن أكون ظهيرا " للمجرمين " بل أجاهد في سبيلك بهذه القوة حتى ترضى " فأصبح " موسى " في المدينة خائفا " يترقب فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه " على آخر " قال له موسى إنك لغوي مبين " قاتلت رجلا " بالأمس وتقاتل هذا اليوم لأؤدبنك، (1) وأراد أن يبطش به " فلما أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما " وهو من شيعته " قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا " بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا " في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين ".
قال المأمون: جزاك الله خيرا " يا أبا الحسن، فما معنى قول موسى لفرعون: " فعلتها إذا وأنا من الضالين " قال الرضا عليه السلام: إن فرعون قال لموسى لما أتاه: " وفعلت فعلتك