عليه، فكذلك أن من نجوز عليه من الأنبياء عليهم السلام أن يكون مقدما " على القبائح مرتكبا " للمعاصي في حال نبوته أو قبلها وإن وقعت مكفرة لا يكون سكوننا إليه سكوننا (1) إلى من نأمن منه كل القبائح ولا نجوز عليه فعل شئ منها. انتهى ما أردنا إيراده من كلامه قدس الله روحه. (2) أقول: لا يخفى عليك أن من جوز صدور الصغائر عن الأنبياء ولو نفى صدور الخسيسة منها يلزمه تجويز أكثر الذنوب وعظائمها عليهم، بل لا فرق كثيرا " بينه وبين من يجوز جميعها، إذ الكبائر على ما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله سبع، ورووا عن ابن عمر أنه زاد فيها اثنتين، وعن ابن مسعود أنه زاد على قول ابن عمر ثلاثة، ولا شك أن كثيرا " من عظائم الذنوب التي سوى ما ذكروه ليست من الصغائر الخسيسة كسرقة درهم، و التطفيف بحبة، فيلزمهم تجويز ما لم يكن من الصنفين المذكورين كالاشتغال بأنواع المعازف والملاهي وترك الصلاة وأصناف المعاصي التي تقارفها ملوك الجور على رؤوس الأشهاد وفي الخلوات، فهؤلاء أيضا مخطؤون للأنبياء ولكن في لباس التنزيه، ولا يرتاب عاقل في أن من هذا شأنه لا يصلح لرئاسة الدين والدنيا، وأن النفوس تتنفر عنه، بل لا يجوز أحد أن يكون مثله صالحا " لان يكون واعظا " وهاديا " للخلق في أدنى قرية، فكيف يجوز أن يكون ممن قال تعالى فيهم: " الله يصطفي من الملائكة رسلا " ومن الناس (3) " و إذا ثبت بطلان هذا النوع من التنزيه أمكن التمسك في إثبات ما ذهب إليه أصحابنا من تنزههم صلوات الله عليهم عن كل منقصة ولو على سبيل السهو والنسيان من حين الولادة إلى الوفاة بالاجماع المركب، ولا يضر خروج شاذ من المعروفين من أصحابنا بعد تحقيق الإجماع.
الثاني أنه لو صدر عن النبي ذنب لزم اجتماع الضدين وهما وجوب متابعته و مخالفته، أما الأول فللإجماع ولقوله تعالى: " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله (4) " وإذا ثبت في حق نبينا صلى الله عليه وآله ثبت في حق باقي الأنبياء عليهم السلام، لعدم