بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١١ - الصفحة ٩٠
اللسان. وأما النوع الثالث وهو ما يتعلق بالفتيا فأجمعوا على أنه لا يجوز خطاؤهم فيه عمدا " وسهوا " إلا شرذمة قليلة من العامة. وأما النوع الرابع وهو الذي يقع في أفعالهم فقد اختلفوا فيه على خمسة أقوال:
الأول: مذهب أصحابنا الإمامية وهو أنه لا يصدر عنهم الذنب لا صغيرة " ولا كبيرة " ولا عمدا " ولا نسيانا " ولا لخطأ في التأويل ولا للإسهاء من الله سبحانه، ولم يخالف فيه إلا الصدوق (1) وشيخه محمد بن الحسن بن الوليد رحمهما الله، فإنهما جوزا الإسهاء لا السهو الذي يكون من الشيطان، وكذا القول في الأئمة الطاهرين عليهم السلام.
الثاني: أنه لا يجوز عليهم الكبائر ويجوز عليهم الصغائر إلا الصغائر الخسيسة المنفرة، كسرقة حبة أو لقمة، وكل ما ينسب فاعله إلى الدناءة والضعة، وهذا قول أكثر المعتزلة.
الثالث: أنه لا يجوز أن يأتوا بصغيرة ولا كبيرة على جهة العمد، لكن يجوز على جهة التأويل أو السهو، وهو قول أبي علي الجبائي.
الرابع: أنه لا يقع منهم الذنب إلا على جهة السهو والخطاء، لكنهم مأخوذون بما يقع منهم سهوا " وإن كان موضوعا " عن أممهم لقوة معرفتهم وعلو رتبتهم وكثرة دلائلهم وإنهم يقدرون من التحفظ على ما لا يقدر عليه غيرهم، وهو قول النظام وجعفر بن مبشر ومن تبعهما.
الخامس: أنه يجوز عليهم الكبائر والصغائر عمدا " وسهوا " وخطا، وهو قول الحشوية وكثير من أصحاب الحديث من العامة.
ثم اختلفوا في وقت العصمة على ثلاثة أقول:
الأول: أنه من وقت ولادتهم إلى أن يلقوا الله سبحانه، وهو مذهب أصحابنا الإمامية.

(1) قال شيخنا الصدوق قدس الله روحه في كتاب من لا يحضره الفقيه: وليس سهو النبي صلى الله عليه وآله وسلم كسهونا لان سهوه من الله عز وجل، وإنما هو إسهاء ليعلم انه بشر مخلوق فلا يتخذ ربا ومعبودا دونه، وليعلم الناس بسهوه حكم السهو متى يسهوا، وسهونا عن الشيطان، وليس للشيطان على النبي الله عليه وسلم والأئمة صلوات الله عليهم سلطان، إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون وعلى من تبعه من الغاوين.
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»
الفهرست