السادس: ما حل ببالي أيضا " وهو أن يكون المراد الذراع الذي وضعه عليه السلام لمساحة الأشياء وهذا يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون الذراع الذي عمله آدم على نبينا و آله وعليه السلام للرجال غير الذي وضعته حواء للنساء. وثانيهما: أن يكون الذراع واحدا "، لكن نسب في بيان طول كل منهما إليه لقرب المرجع.
السابع: ما سمحت به قريحتي أيضا " وإن أتت ببعيد عن الأفهام، وهو أن يكون المعنى، اجعل طول قامته بحيث يكون بعد تناسب الأعضاء طوله الأول سبعين ذراعا " بالذراع الذي حصل له بعد الغمز، فيكون المراد بطوله طوله الأول ونسبة التسيير إليه باعتبار أن كونه سبعين ذراعا " إنما يكون بعد حصول ذلك الذراع، فيكون في الكلام شبه قلب، أي اجعل ذراعه بحيث يصير جزء " من سبعين جزء من قامته قبل الغمز، ومثل هذا قد يكون في المحاورات وليس تكلفه أكثر من بعض الوجوه التي تقدم ذكرها، وبه تظهر النسبة بين القامتين، إذ طول قامة مستوي الخلقة ثلاثة أذرع ونصف تقريبا "، فإذا كان طول قامته الأولى سبعين بذلك الذراع تكون النسبة بينهما نصف العشر، وينطبق الجواب على السؤال، إذ الظاهر منه أن غرض السائل استعلام قامته الأولى، فلعله كان يعرف طول القامة الثانية بما اشتهر بين أهل الكتاب، أو بما روت العامة من ستين ذراعا ".
الثامن: أن يكون الباء في قوله: (بذراعه) للملابسة، أي كما قصر من طوله قصر من ذراعه لتناسب أعضائه، وإنما خص بذراعه لأن جميع الأعضاء داخلة في الطول بخلاف الذراع، والمراد حينئذ بالذراع في قوله عليه السلام: سبعين (ذراعا ") إما ذراع من كان في زمن آدم على نبينا وآله وعليه السلام، أو من كان في زمان من صدر عنه الخبر، وهذا وجه قريب.
التاسع: أن يكون الضمير في قوله: (بذراعه) راجعا إلى جبرئيل عليه السلام، ولا يخفى بعده وركاكته من وجوه شتى لا سيما بالنظر إلى ما في الكافي. ثم اعلم أن الغمز يمكن أن يكون باندماج الأجزاء وتكاثفها، أو بالزيادة في العرض، أو بتحلل بعض الأجزاء بإذنه تعالى، أو بالجميع، وقد بسطنا الكلام في ذلك في المجلد الآخر من كتاب مرآة العقول.