الموت بين النفختين وهو أربعون سنة " فبما أغويتني " أي بما خيبتني من رحمتك و جنتك، أو امتحنتني بالسجود لآدم فغويت عنده، أو حكمت بغوايتي، أو أهلكتني بلعنك إياي، ولا يبعد أن يكون إبليس اعتقد أن الله يغوي الخلق ويكون ذلك من جملة ما كان اعتقده من الشر " لأقعدن لهم " أي لأولاد آدم " صراطك المستقيم " أي على طريقك المستوي لأصدهم عنه بالإغواء.
" ثم لآتينهم من بين أيديهم " الآية فيه أقوال: أحدها أن المعنى: من قبل دنياهم وآخرتهم، ومن جهة حسناتهم وسيئاتهم، أي أزين لهم الدنيا، وأشككهم في الآخرة، وأثبطهم عن الحسنات، (1) واحبب إليهم السيئات.
وثانيها: أن معنى " من بين أيديهم وعن أيمانهم " من حيث يبصرون، و " من خلفهم و عن شمائلهم " من حيث لا يبصرون.
وثالثها: ما روي عن أبي جعفر عليه السلام قال: " ثم لآتينهم من بين أيديهم " معناه: أهون عليهم أمر الآخرة " ومن خلفهم " آمرهم بجمع الأموال والبخل بها عن الحقوق لتبقى لورثتهم " وعن أيمانهم " افسد عليهم أمر دينهم بتزئين الضلالة وتحسين الشبهة " وعن شمائلهم " بتحبيب اللذات إليهم وتغليب الشهوات على قلوبهم " ولا تجد أكثرهم شاكرين " إما أن يكون قال ذلك من جهة الملائكة بإخبار الله إياهم، وإما عن ظن منه كما قال سبحانه: " ولقد صدق عليهم إبليس ظنه " (2) فإنه لما استزل آدم ظن أن ذريته أيضا " سيجيبونه لكونهم أضعف منه " مذءوما " " أي مذموما "، أو معيبا "، أو مهانا " لعينا " مدحورا " " أي مطرودا " لأملأن جهنم منكم " أي منك ومن ذريتك وكفار بني آدم " أجمعين " (3) " ولقد خلقنا الإنسان " يعني آدم " من صلصال " أي من طين يابس تسمع له عند النقر صلصلة أي صوت، وقيل: طين صلب يخالطه الكثيب، وقيل: منتن " من حمأ " أي