أي عرض أشباحهم وهم أنوار في الأظلة (1) " فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين " أن جميعكم تسبحون وتقدسون، وأن ترككم ههنا أصلح من إيراد من بعدكم، أي فكما لم تعرفوا غيب من في خلالكم فبالحري أن لا تعرفوا الغيب الذي لم يكن كما لا تعرفون أسماء أشخاص ترونها، قالت الملائكة: " سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم " العليم بكل شئ، الحكيم المصيب في كل فعل، فقال الله تعالى: " يا آدم " أنبئ هؤلاء الملائكة " بأسمائهم " أسماء الأنبياء والأئمة عليهم السلام " فلما أنبأهم " عرفوها أخذ عليهم العهد والميثاق (2) بالإيمان بهم والتفضيل لهم، قال الله تعالى عند ذلك: " ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض " سرهما " وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون " ما كان يعتقده إبليس من الإباء على آدم إذا مر بطاعته وإهلاكه إن سلط عليه، ومن اعتقادكم أنه لا أحد يأتي بعدكم إلا وأنتم أفضل منه، بل محمد وآله الطيبون أفضل منكم الذين أنبأكم آدم بأسمائهم.
بيان: قوله عليه السلام: (ابتدائي هذا الخلق) يدل على أن هذا غير ما خلقه الله في بدء الخلق عند خلق السماء والأرض، وينافيه ظاهرا قوله تعالى: " ثم استوى إلى السماء " وتوجيهه أنه يمكن أن يكون على هذا المراد بتسوية السماوات تعميرها وتدبيرها وإسكان الملائكة فيها بعد رفعهم عن الأرض وبه يظهر وجه لرفع ما يتوهم من التنافي بين هذه الآية وبين قوله تعالى: " والأرض بعد ذلك دحاها " وسيأتي تحقيقه في كتاب السماء والعالم.
49 - تفسير العياشي: عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: إن الله لما خلق آدم فكان أول ما خلق عيناه، فجعل ينظر إلى جسده كيف يخلق، فلما حانت (3) ولم يتبالغ الخلق في رجليه (4) أراد القيام فلم يقدر، وهو قول الله: " خلق الإنسان عجولا " " وإن الله لما خلق