بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧ - الصفحة ٥٠
الحديث أنه قال: يحشر المتكبرون كأمثال الذر، وإن ضرس الكافر مثل أحد، وإن أهل الجنة جرد مرد مكحولون، والحاصل أن المعاد الجسماني عبارة عن عود النفس إلى بدن هو ذلك البدن بحسب الشرع والعرف، ومثل هذه التبدلات والمغايرات التي لا تقدح في الوحدة بحسب الشرع والعرف لا تقدح في كون المحشور هو المبدأ فافهم.
واعلم أن المعاد الجسماني مما يجب الاعتقاد به ويكفر منكره، أما المعاد الروحاني أعني التذاذ النفس بعد المفارقة وتألمها باللذات والآلام العقلية فلا يتعلق التكليف باعتقاده ولا يكفر منكره ولا منع شرعا ولا عقلا من إثباته، قال الامام في بعض تصانيفه:
أما القائلون بالمعاد الروحاني والجسماني معا فقد أرادوا أن يجمعوا بين الحكمة والشريعة فقالوا: دل العقل على أن سعادة الأرواح بمعرفة الله تعالى ومحبته، وأن سعادة الأجساد في إدراك المحسوسات، والجمع بين هاتين السعادتين في هذه الحياة غير ممكن، لان الانسان مع استغراقه في تجلي أنوار عالم القدس لا يمكنه أن يلتفت إلى شئ من اللذات الجسمانية، ومع استغراقه في استيفاء هذه اللذات لا يمكنه أن يلتفت إلى اللذات الروحانية، وإنما تعذر هذا الجمع لكون الأرواح البشرية ضعيفة في هذا العالم، فإذا فارقت بالموت واستمدت من عالم القدس والطهارة قويت قادرة على الجمع بين الامرين، ولا شبهة في أن هذه الحالة هي الحالة القصوى من مراتب السعادات، قلت: سياق هذا الكلام مشعر بأن إثبات الروحاني إنما هو من حيث الجمع بين الشريعة والفلسفة، وإثباتهما ليس من المسائل الكلامية، وهذا كما أن الرئيس أبا علي مع إنكاره للمعاد الجسماني على ما هو بسطه في كتاب المعاد وبالغ فيه وأقام الدليل بزعمه على نفيه قال في كتاب النجاة والشفاء: إنه يجب أن يعلم أن المعاد منه ما هو مقبول من الشرع ولا سبيل إلى إثباته إلا من طرق الشريعة وتصديق خبر النبوة، وهو الذي للبدن عند البعث، وخيراته وشروره معلوم لا يحتاج إلى إن يعلم، وقد بسطت الشريعة الحقة التي أتانا به سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وآله حال السعادة والشقاوة التي بحسب البدن، ومنه ما هو مدرك بالعقل والقياس البرهاني وقد صدقه النبوة، وهو السعادة والشقاوة الثابتتان بالقياس إلى نفس الامر، وإن كان الأوهام منا تقصر عن تصورهما الآن. وسياق
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * بقية أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 3 إثبات الحشر وكيفيته وكفر من أنكره، وفيه 31 حديثا. 1
3 باب 4 أسماء القيامة واليوم الذي تقوم فيه، وأنه لا يعلم وقتها إلا الله، وفيه 15 حديثا. 54
4 باب 5 صفحة المحشر، وفيه 63 حديثا. 62
5 باب 6 مواقف القيامة وزمان مكث الناس فيها، وأنه يؤتى بجهنم فيها، وفيه 11 حديثا. 121
6 باب 7 ذكر كثرة أمة محمد صلى الله عليه وآله في القيامة، وعدد صفوف الناس فيها، وحملة العرش فيها، وفيها ستة أحاديث. 130
7 باب 8 أحوال المتقين والمجرمين في القيامة، وفيه 147 حديثا. 131
8 باب ثامن آخر في ذكر الركبان يوم القيامة، وفيه تسعة أحاديث. 230
9 باب 9 أنه يدعى الناس بأسماء أمهاتهم إلا الشيعة، وأن كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا نسب رسول الله صلى الله عليه وآله وصهره، وفيه 12 حديثا. 237
10 باب 10 الميزان، وفيه عشرة أحاديث. 242
11 باب 11 محاسبة العباد وحكمه تعالى في مظالمهم وما يسألهم عنه، وفيه حشر الوحوش، فيه 51 حديثا. 253
12 باب 12 السؤال عن الرسل والأمم، وفيه تسعة أحاديث. 277
13 باب 13 ما يحتج الله به على العباد يوم القيامة، وفيه ثلاثة أحاديث. 285
14 باب 14 ما يظهر من رحمته تعالى في القيامة، وفيه تسعة أحاديث. 286
15 باب 15 الخصال التي توجب التخلص من شدائد القيامة وأهوالها، وفيه 79 حديثا. 290
16 باب 16 تطاير الكتب وإنطاق الجوارح، وسائر الشهداء في القيامة، وفيه 22 حديثا 306
17 باب 17 الوسيلة وما يظهر من منزلة النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام، وفيه 35 حديثا. 326