بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧ - الصفحة ٥١
هذا الكلام مشعر بأن إثباته للمعاد الروحاني ليس من حيث الحكمة، بل هو من حيث الشريعة، فإن التمسك بالدلائل النقلية ليس من وظائف الفلسفة، فلا يتوهم أن إثباته من المسائل الحكمية وهو أراد أن يجمع بين الفلسفة والشريعة.
فذلكة: اعلم أن خلاصة القول في ذلك هو أن للناس في تفرق الجسم واتصاله مذاهب: فالقائلون بالهيولى يقولون بانعدام الصورة الجسمية والنوعية وبقاء الهيولي عند تفرق الجسم، والنافون للهيولى والجزء الذي لا يتجزى كالمحقق الطوسي رحمه الله يقولون بعدم انعدام جزء من الجسم عند التفرق، بل ليس الجسم إلا الصورة وهي باقية في حال الاتصال والانفصال، وكذا القائلون بالجزء يقولون ببقاء الاجزاء عند التفرق والاتصال، فأما على القول الأول فلا بد في القول بإثبات المعاد بمعنى عود الشخص بجميع أجزائه من القول بإعادة المعدوم، وأما القائلون بالأخيرين فقد ظنوا أنهم قد تفصوا عن ذلك ويمكنهم القول بالحشر الجسماني بهذا المعنى مع عدم القول بجواز إعادة المعدوم، وفيه نظر إذ ظاهر أنه إذا احرق جسد زيد وذرت الرياح ترابه لا يبقى تشخص زيد وإن بقيت الصورة والاجزاء، بل لابد في عود الشخص بعينه من عود تشخصه بعد انعدامه كما مرت الإشارة إليه، نعم ذكر بعض المتكلمين أن تشخص الشخص إنما يقوم بأجزائه الأصلية المخلوقة من المني، وتلك الأجزاء باقية في مدة حياة الشخص وبعد موته وتفرق أجزائه، فلا يعدم التشخص، وقد مضى ما يومئ إليه من الاخبار، وعلى هذا فلو انعدم بعض العوارض الغير المشخصة وأعيد غيرها مكانها لا يقدح في كون الشخص باقيا بعينه، فإذا تمهد هذا فاعلم أن القول بالحشر الجسماني على تقدير عدم القول بامتناع إعادة المعدوم حيث لم يتم الدليل عليه بين لا إشكال فيه، وأما على القول به فيمكن أن يقال: يكفي في المعاد كونه مأخوذا من تلك المادة بعينها أو من تلك الأجزاء بعينها لا سيما إذا كان شبيها بذلك الشخص في الصفات والعوارض بحيث لو رأيته لقلت: إنه فلان إذ مدار اللذات والآلام على الروح ولو بواسطة الآلات، وهو باق بعينه ولا تدل النصوص إلا على إعادة ذلك الشخص بمعنى أنه يحكم عليه عرفا أنه ذلك الشخص كما أنه يحكم على الماء الواحد إذا افرغ في إنائين إنه هو الماء الذي كان في إناء
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * بقية أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 3 إثبات الحشر وكيفيته وكفر من أنكره، وفيه 31 حديثا. 1
3 باب 4 أسماء القيامة واليوم الذي تقوم فيه، وأنه لا يعلم وقتها إلا الله، وفيه 15 حديثا. 54
4 باب 5 صفحة المحشر، وفيه 63 حديثا. 62
5 باب 6 مواقف القيامة وزمان مكث الناس فيها، وأنه يؤتى بجهنم فيها، وفيه 11 حديثا. 121
6 باب 7 ذكر كثرة أمة محمد صلى الله عليه وآله في القيامة، وعدد صفوف الناس فيها، وحملة العرش فيها، وفيها ستة أحاديث. 130
7 باب 8 أحوال المتقين والمجرمين في القيامة، وفيه 147 حديثا. 131
8 باب ثامن آخر في ذكر الركبان يوم القيامة، وفيه تسعة أحاديث. 230
9 باب 9 أنه يدعى الناس بأسماء أمهاتهم إلا الشيعة، وأن كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا نسب رسول الله صلى الله عليه وآله وصهره، وفيه 12 حديثا. 237
10 باب 10 الميزان، وفيه عشرة أحاديث. 242
11 باب 11 محاسبة العباد وحكمه تعالى في مظالمهم وما يسألهم عنه، وفيه حشر الوحوش، فيه 51 حديثا. 253
12 باب 12 السؤال عن الرسل والأمم، وفيه تسعة أحاديث. 277
13 باب 13 ما يحتج الله به على العباد يوم القيامة، وفيه ثلاثة أحاديث. 285
14 باب 14 ما يظهر من رحمته تعالى في القيامة، وفيه تسعة أحاديث. 286
15 باب 15 الخصال التي توجب التخلص من شدائد القيامة وأهوالها، وفيه 79 حديثا. 290
16 باب 16 تطاير الكتب وإنطاق الجوارح، وسائر الشهداء في القيامة، وفيه 22 حديثا 306
17 باب 17 الوسيلة وما يظهر من منزلة النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام، وفيه 35 حديثا. 326