أخرى فيكونون ثمانية، وقيل: ثمانية صفوف لا يعلم عددهم إلا الله تعالى عن ابن عباس " يومئذ تعرضون " يعني يوم القيامة تعرضون معاشر المكلفين " لا تخفى منكم خافية " أي نفس خافية أو فعلة خافية، وقيل: الخافية مصدر أي خافية أحد، وروي في الخبر عن ابن مسعود وقتادة أن الخلق يعرضون ثلاث عرضات: ثنتان فيهما معاذير وجدال، والثالثة تطير الصحف من الأيدي، فآخذ بيمينه وآخذ بشماله، وليس يعرض الله الخلق ليعلم من حالهم ما لم يعلمه، ولكن ليظهر ذلك لخلقه " فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول " لأهل القيامة: " هاؤم " أي تعالوا " اقرؤا كتابيه " إنما يقوله سرورا بهم لعلمه بأنه ليس فيه إلا الطاعات فلا يستحيي أن ينظر فيه غيره " إني ظننت " أي علمت وأيقنت في الدنيا " أني ملاق حسابيه " والهاء لنظم رؤوس الآي وهي هاء الاستراحة، والمعنى:
أني كنت مستيقنا في دار الدنيا بأني القي حسابي يوم القيامة " فهو في عيشة راضية " أي حالة من العيش ذات رضى بمعنى مرضية " في جنة عالية " أي رفيعة القدر والمكان، " قطوفها دانية " أي ثمارها قريبة ممن يتناولها، قال البراء بن عازب: يتناول الرجل من الثمرة وهو نائم.
وروي عن سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا يدخل الجنة أحد إلا بجواز بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله لفلان بن فلان أدخلوه جنة عالية قطوفها دانية. وقيل: معناه: لا يرد أيديهم عن ثمرها بعد ولا شوك، يقال لهم: كلوا واشربوا في الجنة هنيئا بما أسلفتم " أي قدمتم من أعمالكم الصالحة " في الأيام الخالية " أي الماضية في الدنيا، ويعني بقوله: " هنيئا " أنه ليس فيه ما يؤذي فلا يحتاج فيه إلى إخراج فضل بغايط أو بول " وأما من أوتي كتابه " أي صحيفة أعماله " بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه " لما يرى فيه من قبائح أعماله " ولم أدر ما حسابيه " أي ولم أدر أي شئ حسابي " يا ليتها كانت القاضية " الهاء في ليتها كناية عن الحال التي هم فيها، وقيل: كناية عن الموتة الأولى، والقاضية: القاطعة للحياة أي ليت الموتة الأولى لم نحي بعدها، أو تمنى يومئذ الموت ولم يكن في الدنيا شئ أكره عنده من الموت " ما أغنى عني ماليه " أي ما دفع عني مالي من عذاب الله شيئا " هلك عني سلطانيه " أي ضل عني ما كنت أعتقده