ما تضمره الصدور " والله يقضي بالحق " أي يفصل بين الخلائق بالحق " والذين يدعون من دونه " من الأصنام " لا يقضون بشئ " لأنها جماد.
وفي قوله تعالى: " يوم يدع الداع إلى شئ نكر " أي منكر غير معتاد ولا معروف بل أمر فظيع لم يروا مثله فينكرونه استعظاما، واختلف في الداعي فقيل: هو إسرافيل يدعو الناس إلى الحشر قائما على صخرة بيت المقدس، وقيل: بل الداعي يدعوهم إلى النار، و " يوم " ظرف ليخرجون، ويجوز أن يكون التقدير: في هذا اليوم يقول الكافرون " خشعا أبصارهم " أي ذليلة خاضعة عند رؤية العذاب، وإنما وصف الابصار بالخشوع لان ذلة الذليل وعزة العزيز تتبين في نظره وتظهر في عينه " يخرجون من الأجداث " أي من القبور " كأنهم جراد منتشر " والمعنى: أنهم يخرجون فزعين يدخل بعضهم في بعض ويختلط بعضهم ببعض، لا جهة لاحد منهم فيقصدها، كما أن الجراد لا جهة لها فتكون أبدا متفرقة في كل جهة، وقيل: إنما شبههم بالجراد في كثرتهم، وفي هذه الآية دلالة على أن البعث إنما يكون لهذه البنية لأنها الكائنة في الأجداث، خلافا لمن زعم أن البعث يكون للأرواح " مهطعين إلى الداع " أي مقبلين إلى صوت الداعي، وقيل: مسرعين إلى إجابة الداعي، وقيل: ناظرين قبل الداعي، قائلين: " هذا يوم عسر " أي صعب شديد.
وفي قوله تعالى: " يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا ": أي تخرجوا هاربين من الموت، يقال نفذ الشئ من الشئ: إذا خلص منه، كالسهم ينفذ من الرمية " من أقطار السماوات والأرض " أي جوانبهما ونواحيهما " فانفذوا " أي فاخرجوا " لا تنفذون إلا بسلطان " أي حيث توجهتم فثم ملكي ولا تخرجون من سلطاني فأنا آخذكم بالموت، وقيل: لا تنفذون إلا بقدرة من الله وقوة يعطيكموها بأن يخلق لكم مكانا آخر سوى السماوات والأرض ويجعل لكم قوة تخرجون بها إليه، وقيل: المعنى:
إن استطعتم أن تعلموا ما في السماوات والأرض فاعلموا أنه لا يمكنكم ذلك " لا تنفذون إلا بسلطان " أي لا تعلمون إلا بحجة وبيان، وقيل: " لا تنفذون إلا بسلطان " معناه: حيث ما نظرتم شاهدتم حجة الله وسلطانه الذي يدل على توحيده " يرسل