وفي قوله سبحانه: " إن هؤلاء يحبون العاجلة ": أي يؤثرون اللذات والمنافع العاجلة في دار الدنيا " ويذرون وراءهم " أي ويتركون أمامهم " يوما ثقيلا " أي عسيرا شديدا، والمعنى: أنهم لا يؤمنون به ولا يعملون له، وقيل: معنى " ورائهم ": خلف ظهورهم.
وفي قوله تعالى: " فإذا النجوم طمست ": أي محيت آثارها واذهب نورها (1) " وإذا السماء فرجت " أي شقت وصدعت فصار فيها فروج " وإذا الجبال نسفت " أي قلعت من مكانها، وقيل: أي أذهبت بسرعة حتى لا يبقى لها أثر في الأرض " وإذا الرسل اقتت " أي جمعت لوقتها، وهو يوم القيامة لتشهد على الأمم، وهو قوله:
" لأي يوم أجلت " أي أخرت وضرب لهم الأجل لجمعهم تعجب العباد من ذلك اليوم، وقيل: " اقتت " معناه: عرفت وقت الحساب والجزاء لأنهم في الدنيا لا يعرفون متى تكون الساعة؟ وقيل: عرفت ثوابها في ذلك اليوم، وقال الصادق عليه السلام: " اقتت " أي بعثت في أوقات مختلفة، ثم بين سبحانه ذلك اليوم فقال: " ليوم الفصل " أي يوم يفصل الرحمن بين الخلائق، ثم عظم ذلك اليوم فقال: " وما أدريك ما يوم الفصل " ثم أخبر سبحانه عن حال من كذب به، فقال: " ويل يومئذ للمكذبين ".
وفي قوله تعالى: " هذا يوم لا ينطقون ": فيه قولان: أحدهما أنهم لا ينطقون بنطق ينتفعون به فكأنهم لم ينطقوا، والثاني أن في القيامة مواقف ففي بعضها يختصمون ويتكلمون، وفي بعضها يختم على أفواههم فلا يتكلمون. وعن قتادة قال: جاء رجل إلى عكرمة فقال: أرأيت قول الله تعالى: " هذا يوم لا ينطقون " وقوله: " ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون "؟ قال: إنها مواقف، فأما موقف منها فتكلموا و اختصموا، ثم ختم على أفواههم فتكلمت أيديهم وأرجلهم فحينئذ لا ينطقون.