بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧ - الصفحة ٨٨
وفي قوله سبحانه: " إن هؤلاء يحبون العاجلة ": أي يؤثرون اللذات والمنافع العاجلة في دار الدنيا " ويذرون وراءهم " أي ويتركون أمامهم " يوما ثقيلا " أي عسيرا شديدا، والمعنى: أنهم لا يؤمنون به ولا يعملون له، وقيل: معنى " ورائهم ": خلف ظهورهم.
وفي قوله تعالى: " فإذا النجوم طمست ": أي محيت آثارها واذهب نورها (1) " وإذا السماء فرجت " أي شقت وصدعت فصار فيها فروج " وإذا الجبال نسفت " أي قلعت من مكانها، وقيل: أي أذهبت بسرعة حتى لا يبقى لها أثر في الأرض " وإذا الرسل اقتت " أي جمعت لوقتها، وهو يوم القيامة لتشهد على الأمم، وهو قوله:
" لأي يوم أجلت " أي أخرت وضرب لهم الأجل لجمعهم تعجب العباد من ذلك اليوم، وقيل: " اقتت " معناه: عرفت وقت الحساب والجزاء لأنهم في الدنيا لا يعرفون متى تكون الساعة؟ وقيل: عرفت ثوابها في ذلك اليوم، وقال الصادق عليه السلام: " اقتت " أي بعثت في أوقات مختلفة، ثم بين سبحانه ذلك اليوم فقال: " ليوم الفصل " أي يوم يفصل الرحمن بين الخلائق، ثم عظم ذلك اليوم فقال: " وما أدريك ما يوم الفصل " ثم أخبر سبحانه عن حال من كذب به، فقال: " ويل يومئذ للمكذبين ".
وفي قوله تعالى: " هذا يوم لا ينطقون ": فيه قولان: أحدهما أنهم لا ينطقون بنطق ينتفعون به فكأنهم لم ينطقوا، والثاني أن في القيامة مواقف ففي بعضها يختصمون ويتكلمون، وفي بعضها يختم على أفواههم فلا يتكلمون. وعن قتادة قال: جاء رجل إلى عكرمة فقال: أرأيت قول الله تعالى: " هذا يوم لا ينطقون " وقوله: " ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون "؟ قال: إنها مواقف، فأما موقف منها فتكلموا و اختصموا، ثم ختم على أفواههم فتكلمت أيديهم وأرجلهم فحينئذ لا ينطقون.

(1) قال الرضى قدس سره في التلخيص " ص 270 ": والمراد بطمس النجوم - والله أعلم - محو آثارها وإذهاب أنوارها، وإزالتها عن الجهات التي يستدل بها ويهتدى بسمتها فصارت كالكتاب المطموس الذي أشكلت سطوره واستعجمت حروفه. والطمس في المكتوبات حقيقة، وفى غيرها استعارة.
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»
الفهرست