قوله عليه السلام: فيشرف الجبار هذا كناية عن اطلاعه عليهم وتعلق إرادته بالقضاء فيهم، فيخلق الصوت في ظلل من الملائكة بما يريد من القضاء فيهم، شبهوا في كثرتهم بسحب تظل على الخلق، أو في لطافتهم بالظل، وقد مر الكلام في ذلك في قوله تعالى:
" في ظلل من الغمام والملائكة " وهذا الخبر يؤيد قراءة من قرأ من غير السبعة: الملائكة بالكسر عطفا على الغمام فتفطن.
قوله عليه السلام: وآخذ الواو بمعنى أو. قوله عليه السلام: في حفافة القصر بكسر الحاء أي مع من يحف القصر ويطيف به، أو فيهم الوصائف والخدم، أو في جوانب القصر الوصائف والخدم، وعلى التقادير الجملة حالية، وعلى الأول أي كون " في " بمعنى " مع " يحتمل أن يكون الوصائف والخدم عطف بيان للحفافة.
قال الجزري: فيه: ظلل الله مكان البيت غمامة وكانت حفاف البيت أي محدقة به، وحفافا الجبل: جانباه انتهى. والكرد: السوق والدفع، وكون الجبار على العرش كناية عن تمكنه على عرش العظمة والجلال وأنه يجري حكمه عند العرش ويظهر آثار قضائه هناك.
36 - نهج البلاغة: ألا وإن الظلم ثلاثة: فظلم لا يغفر، وظلم لا يترك، وظلم مغفور لا يطلب، فأما الظلم الذي لا يغفر فالشرك بالله، قال الله سبحانه: إن الله لا يغفر أن يشرك به، وأما الظلم الذي يغفر فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات، وأما الظلم الذي لا يترك فظلم العباد بعضهم بعضا، القصاص هناك شديد، ليس هو جرحا بالمدى ولا ضربا بالسياط، ولكنه ما يستصغر ذلك معه.
بيان: الهنات جمع هنة وهو الشئ اليسير، ويمكن أن يكون المراد بها الصغائر فإنها مكفرة مع اجتناب الكبائر أو الأعم، فيكون قوله عليه السلام: مغفور لا يطلب أي أحيانا لا دائما، وعلى الأول لا يكون المقصود الحصر، والمدى بالضم جمع مدية وهي السكين.
37 - نهج البلاغة: سئل عليه السلام: كيف يحاسب الله الخلق على كثرتهم؟ فقال: كما يرزقهم على كثرتهم، قيل: فكيف يحاسبهم ولا يرونه؟ قال: كما يرزقهم ولا يرونه.