إلى الهلاك ولا يغني عنه شيئا " وقال الرسول " يعنى محمدا صلى الله عليه وآله " يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا " يعني هجروا القرآن وهجروني وكذبوني، وقيل:
إن " قال " معناه: " ويقول ".
وفي قوله سبحانه نقلا عن إبراهيم عليه السلام: " ولا تخزني ": أي لا تفضحني ولا تعيرني بذنب يوم يبعثون، وهذا الدعاء كان منه عليه السلام على وجه الانقطاع إلى الله، لما بينا أن القبيح لا يجوز وقوعه من الأنبياء عليهم السلام، ثم فسر ذلك اليوم بأن قال: " يوم لا ينفع مال ولا بنون " إذ لا يتهيؤ لذي مال أن يفتدي من شدائد ذلك اليوم به، ولا يتحمل من صاحب البنين بنوه شيئا من معاصيه " إلا من أتى الله بقلب سليم " من الشرك و الشك، وقيل: من الفساد والمعاصي، وإنما خص القلب بالسلامة لأنه إذا سلم القلب سلم سائر الجوارح من الفساد من حيث إن الفساد بالجارحة لا يكون إلا عن قصد بالقلب الفاسد.
وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: هو القلب الذي سلم من حب الدنيا " و أزلفت الجنة للمتقين " أي قربت لهم ليدخلوها " وبرزت الجحيم للغاوين " أي أظهرت وكشفت الغطاء عنها للضالين عن طريق الحق والصواب " وقيل لهم " على وجه التوبيخ: " أين ما كنتم تعبدون من دون الله " من الأصنام والأوثان وغيرهما، " هل ينصرونكم " بدفع العذاب عنكم " أو ينتصرون " لكم إذا عوقبتم؟ وقيل: ينتصرون أي يمتنعون من العذاب " فكبكبوا فيها " أي جمعوا وطرح بعضهم على بعض، وقيل: نكسوا فيها على وجوههم " هم " يعني الآلهة " والغاوون " أي والعابدون " وجنود إبليس أجمعون " أي وكبكب معهم جنود إبليس، يريد من اتبعه من ولده وولد آدم " قالوا وهم فيها يختصمون " أي قال هؤلاء وهم في النار يخاصم بعضهم بعضا " تالله إن كنا لفي ضلال مبين " (إن) هي المخففة " إذ نسويكم برب العالمين " أي عدلناكم به في توجيه العبادة إليكم " وما أضلنا إلا المجرمون " الذين اقتدينا بهم: وقيل: إلا الشياطين " فما لنا من شافعين " يشفعون لنا ويسألون في أمرنا " ولا صديق حميم " أي ذي قرابة يهمه أمرنا وذلك حين يشفع الملائكة والنبيون والمؤمنون.