وقال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى: " سيطوقون ما بخلوا به يوم القيمة ":
اختلف في معناه: فقيل: يجعل ما بخل به من المال طوقا في عنقه، والآية نزلت في مانعي الزكاة وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: ما من رجل لا يؤدي زكاة ماله إلا جعل في عنقه شجاع (1) يوم القيامة، ثم تلا هذه الآية، وقيل: معناه: يجعل في عنقه يوم القيامة طوق من نار، وقيل: معناه: يكلفون يوم القيامة أن يأتوا بما بخلوا من أموالهم، وقيل: هو كقوله: " يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم " فمعناه أنه يجعل طوقا فيعذب بها، وقيل، معناه أنه يعود عليهم وباله فيصير طوقا لأعناقهم، كقوله: " وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه " والعرب تعبر بالرقبة والعنق عن جميع البدن.
وفي قوله تعالى: " من قبل أن نطمس وجوها " (2): اختلف فيه على أقول:
أحدها أن معناه: من قبل أن نمحوا آثار وجوهكم حتى تصير كالأقفية، ونجعل عيونها في أقفيتها فتمشي القهقرى، عن ابن عباس وعطية، وثانيها أن معناه: نطمسها عن الهدى فنردها على أدبارها في ضلالتها، ذما لها بأنها لا تفلح أبدا، رواه أبو الجارود عن أبي جعفر عليه السلام. ثالثها: نجعل في وجوههم الشعر كوجوه القرود.
فإن قيل: على القول الأول كيف أوعد الله سبحانه ولم يفعل؟ فجوابه أن هذا الوعيد كان متوجها إليهم لو لم يؤمن واحد منهم، فلما آمن منهم جماعة رفع عن الباقين، أو أن الوعيد يقع بهم في الآخرة.
وفي قوله سبحانه: " هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم ": يعني ما صدقوا فيه في دار التكليف، وقيل: إنه الصدق في الآخرة، وإنه ينفعهم لقيامهم فيه بحق الله فالمراد به صدقهم في الشهادة لأنبيائهم بالبلاغ.