50 - نهج البلاغة: أوصيكم عباد الله بتقوى الله فأنها الزمام والقوام، (1) فتمسكوا بوثائقها، واعتصموا بحقائقها، تؤول بكم إلى أكنان الدعة، (2) وأوطان السعة، ومعاقل الحرز، ومنازل العز، في يوم تشخص فيه الابصار، وتظلم له الأقطار، ويعطل فيه صروم العشار، (3) وينفخ في الصور، فتزهق كل مهجة، وتبكم كل لهجة، وتذل الشم الشوامخ، والصم الرواسخ، فيصير صلدها سرابا رقرقا، ومعهدها قاعا سملقا، فلا شفيع يشفع، ولا حميم ينفع، ولا معذرة تدفع. (4) بيان: تشبيه التقوى بالزمام إما لأنها المانعة عن الخطاء والزلل، أو لأنها تقود إلى الجنة، وسماها قواما لأنه بها تقوم أمور الدنيا والآخرة. والاكنان جمع الكن وهو الستر. والمعقل: الملجأ، والمعاقل: الحصون. والصروم جمع صرمة و هي القطيعة من الإبل نحو الثلاثين. والشمم محركة: ارتفاع الجبل، أي تذل الجبال العالية والأحجار الثابتة. والصلد: الصلب الشديد والرقرقة: بصيص الشراب وتلألؤه.
ومعهدها أي ما عهد منزلا للناس ومسكنا. والقاع: المستوي من الأرض. والمسلق:
الأرض المستوية الجرداء التي لا شجر فيها. فلا شفيع يشفع أي بغير إذن الله، أو للكافرين.
51 - نهج البلاغة: وإن السعداء بالدنيا غدا هم الهاربون منها اليوم، إذا رجفت الراجفة، وحقت بجلائلها القيامة، ولحق بكل منسك أهله، وبكل معبود عبدته، وبكل مطاع أهل طاعته، فلم يجز في عدله وقسطه يومئذ خرق بصر في الهواء، ولا همس قدم في الأرض إلا بحقه، فكم حجة يوم ذاك داحضة، وعلائق عذر منقطعة، فتحر من