الاعمال، خضوعا قياما قد ألجمهم العرق، ورجفت بهم الأرض، فأحسنهم حالا من وجد لقدميه موضعا، ولنفسه متسعا.
بيان: نقاش الحساب: المناقشة والتدقيق فيه.
49 - نهج البلاغة: حتى إذا بلغ الكتاب أجله، والامر مقاديره، والحق آخر الخلق بأوله، وجاء من أمر الله ما يريده من تجديد خلقه، أماد السماء وفطرها، وأرج الأرض وأرجفها، وقلع جبالها ونسفها، ودك بعضها بعضا من هيبة جلالته، ومخوف سطوته، وأخرج من فيها فجددهم بعد إخلاقهم، (1) وجمعهم بعد تفريقهم، ثم ميزهم لما يريد من مساءلتهم عن خفايا الاعمال، وخبايا الافعال: وجعلهم فريقين: أنعم على هؤلاء، وانتقم من هؤلاء، فأما أهل الطاعة فأثابهم بجواره، وخلدهم في داره، حيث لا يظعن النزال، ولا تتغير بهم الحال، ولا تنوبهم الافزاع، ولا تنالهم الأسقام، ولا تعرض لهم الاخطار، ولا تشخصهم الاسفار، وأما أهل المعصية فأنزلهم شر دار، وغل الأيدي إلى الأعناق، وقرن النواصي بالاقدام، وألبسهم سرابيل القطران، ومقطعات النيران في عذاب قد اشتد حره، وباب قد أطبق على أهله في نار لها كلب وجلب (لجب خ ل)، ولهب ساطع، وقصيف هائل، لا يظعن مقيمها، ولا يفادى أسيرها، ولا تفصم كبولها، لا مدة للدار فتفنى، ولا أجل قوم فيقضي، بيان: بلغ الكتاب أجله أي بلغ الزمان المكتوب المقدر إلى منتهاه. والحق آخر الخلق بأوله أي تساوى الكل في شمول الموت والفناء لهم. أماد السماء أي حركها، ويروى أمار بالراء بمعناه، كما قال تعالى: " يوم تمور السماء مورا " وأرج الأرض أي زلزلها، وكذا قوله: أرجفها ونسفها أي قلعها من أصولها. ودك بعضها بعضا أي صدمه ودقه حتى تكسره، إشارة إلى قوله تعالى: " فدكتا دكة واحدة " لا يظعن أي لا يرحل. ولا تنوبهم أي لا تنزل بهم. والاخطار جمع الخطر وهو ما يشرف به على الهلكة. والكلب بالتحريك: الشدة. والجلب واللجب: الصوت. والقصيف: الصوت الشديد. لا تفصم كبولها أي لا تكسر قيودها.