وقوله: " تكلمهم " أي تكلمهم بما يسوؤهم، وهو أنهم يصيرون إلى النار بلسان يفهمونه، وقيل: تحدثهم بأن هذا مؤمن وهذا كافر، وقيل: تكلمهم بأن تقول لهم: بأن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون، وهو الظاهر، وقيل: " بآياتنا " معناه بكلامها وخروجها.
وقال في قوله تعالى: " وإنه لعلم للساعة " يعني أن نزول عيسى عليه السلام من أشراط الساعة يعلم به قربها " فلا تمترن بها " أي بالساعة لا تكذبوا بها ولا تشكوا فيها، وقال ابن جريح أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول: كيف أنتم إذا نزل (1) عيسى بن مريم فيقول أميرهم: تعال صل بنا فيقول: لا؟ إن بعضكم على بعض امراء تكرمة من الله لهذه الأمة. أورده مسلم في الصحيح. وفي حديث آخر:
كيف بكم إذا نزل فيكم ابن مريم وإمامكم منكم؟ وقيل: إن الهاء يعود إلى القرآن ومعناه: إن القرآن لدلالته على قيام الساعة والبعث يعلم به، وقيل: معناه: إن القرآن لدليل الساعة، لأنه آخر الكتب انزل على آخر الأنبياء.
وقال في قوله: " يوم تأتي السماء بدخان مبين ": وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله دعا على قومه لما كذبوه (2) فأجدبت الأرض فأصابت قريشا المجاعة وكان الرجل لما به من الجوع يرى بينه وبين السماء كالدخان، وقيل: إن الدخان آية من أشراط الساعة تدخل في مسامع الكفار والمنافقين وهو لم يأت بعد، وإنه يأتي قبل قيام الساعة فيدخل أسماعهم، حتى أن رؤوسهم تكون كالرأس الحنيذ (3) ويصيب كل مؤمن منه مثل الزكمة وتكون الأرض كلها كبيت أوقد فيه ليس فيه خصاص (4) ويمكث ذلك أربعين يوما عن ابن عباس وابن عمر والحسن والجبائي.