جريح المكي، عن عطاء بن أبي رياح، عن عبد الله بن عباس قال: حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله حجة الوداع فأخذ باب الكعبة (1) ثم أقبل علينا بوجهه فقال: ألا أخبركم بأشراط الساعة؟ - وكان أدنى الناس منه يومئذ سلمان رضي الله عنه - فقال: بلى يا رسول الله، فقال: إن من أشراط القيامة إضاعة الصلاة، واتباع الشهوات، والميل مع الأهواء وتعظيم المال، (2) وبيع الدين بالدنيا، فعندها يذاب قلب المؤمن وجوفه كما يذوب الملح في الماء مما يرى من المنكر فلا يستطيع أن يغيره. قال سلمان: وإن هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: إي والذي نفسي بيده.
يا سلمان إن عندها امراء جورة، ووزراء فسقة، وعرفاء ظلمة، وامناء خونة، فقال سلمان: وإن هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: إي والذي نفسي بيده.
يا سلمان إن عندها يكون المنكر معروفا، والمعروف منكرا، وائتمن الخائن (3) ويخون الأمين، ويصدق الكاذب، ويكذب الصادق، قال سلمان: وإن هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: إي والذي نفسي بيده.
يا سلمان فعندها إمارة النساء، ومشاورة الإماء، وقعود الصبيان على المنابر، ويكون الكذب طرفا، والزكاة مغرما، والفيئ مغنما، ويجفو الرجل والديه، و يبر صديقه، ويطلع الكوكب المذنب، قال سلمان: وإن هذا لكائن يا رسول الله؟
قال: أي والذي نفسي بيده.
يا سلمان وعندها تشارك المرأة زوجها في التجارة، ويكون المطر قيظا، و يغيظ الكرام غيظا، ويحتقر الرجل المعسر، فعندها يقارب الأسواق إذا قال هذا: لم أبع شيئا (4) وقال هذا: لم أربح شيئا فلا ترى إلا ذاما لله، قال سلمان: وإن هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: إي والذي نفسي بيده.