قال عليه السلام: وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما كان بمكة أمره الله تعالى أن يتوجه نحو البيت المقدس (1) في صلاته ويجعل الكعبة بينه وبينها إذا أمكن وإذا لم يتمكن استقبل البيت المقدس كيف كان فكان رسول الله صلى الله عليه وآله يفعل ذلك طول مقامه بها ثلاثة عشر سنة فلما كان بالمدينة وكان متعبدا باستقبال بيت المقدس استقبله وانحرف عن الكعبة سبعة عشر شهرا أو ستة عشر شهرا، وجعل قوم من مردة اليهود (2) يقولون: والله ما درى محمد كيف صلى حتى صار يتوجه إلى قبلتنا ويأخذ في صلاته بهدانا ونسكنا، فاشتد ذلك على رسول الله صلى الله عليه وآله لما اتصل به عنهم وكره قبلتهم وأحب الكعبة فجاءه جبرئيل عليه السلام فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: يا جبرئيل لوددت لو صرفني الله تعالى عن بيت المقدس إلى الكعبة فقد تأذيت بما يتصل بي من قبل اليهود من قبلتهم، فقال جبرئيل:
فاسأل ربك أن يحولك إليها فإنه لا يردك عن طلبتك ولا يخيبك من بغيتك (3) فلما استتم دعاؤه صعد جبرئيل ثم عاد من ساعته فقال: اقرأ يا محمد: " قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضيها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره " الآيات فقالت اليهود عند ذلك: " ما وليهم عن قبلتهم التي كانوا عليها " فأجابهم الله أحسن جواب فقال: " قل لله المشرق والمغرب " وهو يملكهما، وتكليفه التحول إلى جانب كتحويله لكم إلى جانب آخر " يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم " هو مصلحتهم وتؤديهم طاعتهم إلى جنات النعيم فقال أبو محمد عليه السلام وجاء قوم من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا: يا محمد هذه القبلة بيت المقدس قد صليت إليها أربع عشر سنة ثم تركتها الآن أفحقا كان ما كنت عليه فقد تركته إلى باطل فإنما يخالف الحق الباطل، أو باطلا كان ذلك فقد كنت عليه طول هذه المدة؟ فما يؤمننا أن تكون الآن على باطل؟ فقال