المراد أن عدم ظهوره تعالى على عامة الخلق كظهوره على أوليائه لغاية المعرفة إنما هو لذنوبهم التي حالت بينهم وبين تلك المعرفة، وإلا فهو تعالى قد تجلى لأوليائه فظهر لهم ظهورا فوق الاحساس، والجواب عن الاحساس ظاهر، إذ الفرق بينه وبين خلقه وهو كونه غير جسم ولا جسماني ولا حاصلا في جهة ومكان هو الذي صار سببا لعدم إمكان رؤيته. قوله: فحده يحتمل أن يكون المراد التحديد بالحدود الجسمانية، فحاصل جوابه عليه السلام أن الحد نهاية لشئ ذي مقدار يمكن أن ينتهي إلى نهاية أخرى بعد تلك النهاية فيزيد مقداره، ومثل هذا يمكن نقصانه لكون المقادير قابلة للانقسام فيكون ذا أجزاء فيكون محتاجا إلى أجزائه فيكون ممكنا فلا يكون صانعا بل يكون مصنوعا، أو احتمال النقص ينافي الكمال الذي يحكم الوجدان باتصاف الصانع به. والسحماء:
السوداء. والدجنة بكسر الجيم أي المتغيمة المظلمة. وسيأتي تفسير آخر الخبر في باب معاني الأسماء. قوله: وفيه كلام غير هذا أي قيل: إنه لم يسلم، أو في الخبر تتمة تركناها.
13 - أمالي الصدوق: أحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم قال: دخل أبو شاكر الديصاني على أبي عبد الله الصادق عليه السلام فقال له: إنك أحد النجوم الزواهر، وكان آباؤك بدورا بواهر، وأمهاتك عقيلات عباهر، وعنصرك من أكرم العناصر، وإذا ذكر العلماء فبك تثنى الخناصر فخبرني أيها البحر الخضم الزاخر، ما الدليل على حدث العالم؟ فقال الصادق عليه السلام: يستدل عليه بأقرب الأشياء، قال: وما هو؟ قال: فدعى الصادق عليه السلام بيضة فوضعها على راحته ثم قال: هذا حصن ملموم، داخله غرقئ رقيق، تطيف به فضة سائلة وذهبة مائعة، ثم تنفلق عن مثل الطاووس أدخلها شئ؟ قال: لا، قال: فهذا الدليل على حدث العالم، قال: أخبرت فأوجزت، وقلت فأحسنت، وقد علمت أنا لا نقبل إلا ما أدركناه بأبصارنا، أو سمعناه بآذاننا، أو لمسناه بأكفنا، أو شممناه بمناخرنا، أو ذقناه بأفواهنا، أو تصور في القلوب بيانا واستنبطنه الروايات إيقانا، فقال الصادق عليه السلام: ذكرت الحواس الخمس وهي لا تنفع شيئا بغير دليل كما لا تقطع الظلمة بغير مصباح.