يغني به جيرانه، ويطفي به نيرانه، لا يمسكه في يده، ولا يتركه لغده، ولا يدخره لولده، إنما هو الزاد يقدمه لمسراه، ويتصدقه بيمناه ويسراه، فتعسا للبخلاء بما تحوي جيوبهم ﴿يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى به جباههم وجنوبهم﴾ (١) إلا أخبرك عنهم، ألا أقول لك من هم؟ هم: الجماعون الطماعون ﴿الذين هم يراؤون ويمنعون الماعون﴾ (2).
يا نفس:
ليس الشريف من تطاول وكاثر، إنما الشريف من تطول وآثر، وليس البر إبانة الحروف بالإمالة والإشباع، لكن البر إعانة الملهوف بالإنالة والإشباع، وليس الصوم صوم جماعة الطغام (3) عن الجماع والطعام، إنما الصوم صوم الجوارح عن الآثام وكف الكف عن أخذ الحطام، فوا لك لمن [تدخرين] أموالك؟ فأنفقي الفك قبل أن يقسم خلفك، وكفي يدك السفلى، واجعلي على باب اليمنى قفلا، فإنك لن تبيتي حتى تملأي زقك (4)، ولن تموتي حتى تستكملي رزقك، وعلام تطلبين الرزق وهو طالبك، وتستبطئين نزوله وهو مصاحبك، وتستقبلين قادمه وهو في بلدك، وتنشدين ضالته وهو في يدك؟ وعلام تهتمين لرزقك، وقد هيئ لك قبل خلقك، وتطلبين رزقا يعدو في قفاك، ولو قعدت لأتاك ما كفاك؟ إن ساعد القضاء فالسيارة كالقاطن، والسائمة كالداجن، وإن لم