وقد دللنا إليك فقصدناك لتأوينا.
فقال: ومن يعرف أنك علوية، ائتني على ذلك بشهود، فلما سمعت كلامه خرجت من عنده حزينة تبكي ودموعها تنثر وبقيت واقفة في الطريق متحيرة لا تدري أين تذهب، فمر بها سوقي فقال: مالك أيتها المرأة واقفة والثلج يقع عليك وعلى هذه الأطفال معك؟ فقالت: أني امرأة غريبة لا أعرف موضعا آوى إليه، فقال لها: امضي خلفي حتى أدلك على الخان الذي يأوي إليه الغرباء، فمضت خلفه.
قال الراوي: وكان بمجلس ذلك الملك رجلا مجوسيا، فلما رأى العلوية وقد ردها الملك وتعلل عليها بطلب الشهود، وقعت لها الرحمة في قلبه، فقام في طلبها مسرعا فلحقها عن قريب. فقال: إلى أين تذهبين أيتها العلوية؟ قالت:
خلف رجل يدلني إلى الخان لاوي إليه. فقال لها المجوسي: لا، بل ارجعي معي إلى منزلي فأوي إليه، فإنه خير لك.
قالت: نعم، فرجعت معه إلى منزله، فادخلها منزله، وأفرد لها بيتا من خيار بيوته وأفرشه لها بأحسن الفرش وأسكنها فيه، وجاء لها بالنار والحطب، وأشعل لها التنور، وأعد لها جميع ما تحتاج إليه من المأكل والمشرب.
وحدث امرأته وبناته بقصتها مع الملك، ففرح أهله بها وجاءت إليها مع بناتها وجوارها، ولم تزل تخدمها وبناتها وتأنسها حتى ذهب عنهن البرد والتعب والجوع.
فلما دخل وقت الصلاة فقالت للمرأة: ألا تقوم إلى قضاء الفرض؟ قالت لها امرأة المجوسي: وما الفرض؟ أنا أناس لسنا على مذهبكم، أنا على دين المجوس، ولكن زوجي لما سمع خطابك مع الملك وقولك أني امرأة علوية وقعت محبتك في قلبه لأجل اسم جدك، ورد الملك لك مع أنه على دين جدك.