فبينا أنا كذلك إذا أنا بامرأة وقد جلست إلى مزبلة قريبة من سوق الإبل، وقد أخذت دجاجة ميتة قد كانت على الكناسة، وهي تنتف ريشها من حيث لا يشعر بها، فجئت حتى وقفت قريبا منها، وقلت: لم تفعلين هكذا يا أمة الله؟
فقالت: يا هذا امض لشأنك واتركني، فقلت: سألتك بالله الا أعلمتيني بحالك؟
فقالت: نعم إذ ناشدتني بالله.
اعلم انني امرأة علوية ولي بنات ثلاث علويات صغار، وقد مات قيمنا، ولنا ثلاث ليال بأيامهن على الطوى، لم نطعم شيئا ولم نجده، وقد خرجت عنهن وهن يتضوأن جوعا، لالتمس لهن شيئا فلم تقع بيدي غير هذه الدجاجة الميتة، فأردت اصلاحها لنأكلها فقد حلت لنا الميتة. فلما سمعت ما قالت، وقف شعري واقشعر جلدي وقلت في نفسي يا بن المبارك أي حج أعظم من هذا؟.
فقلت لها: أيتها العلوية أرمي هذه الدجاجة فقد حرمت عليك وافتحي حجرك لأعطيك شيئا من النفقة، ثم حللت الكيس وفتحت فاه وصببت الدنانير في حجرها بأجمعها، فقامت مسرورة وهي عجلة ثم دعت لي بخير، وعدت إلى السوق.
ثم إني رجعت إلى منزلي ونزع الله من قلبي إرادة الحج في تلك السنة، فلزمت منزلي واشتغلت بعبادة الله تعالى، قال: وخرجت القافلة إلى الحج، فلما قدم الحاج من مكة خرجت للقاء الحجاج والاخوان ومصافحتهم، فكنت لم ألق أحدا ممن يعرفني فصافحته وسلمت عليه ألا يقول لي: يا بن المبارك، ألم تكن معنا؟ ألم أشهدك في موضع كذا وموقف كذا؟ فعجبت من ذلك.
فلما رجعت إلى منزلي وبت تلك الليلة رأيت في منامي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهو يقول: يا بن المبارك أنك لما أعطيت الدنانير لابنتنا وفرجت كربتها وأصلحت شأنها وشأن أيتامها بعث الله تعالى ملكا على صورتك فهو يحج عنك في كل عام ويجعل ثواب ذلك الحج لك إلى يوم القيامة، فما عليك أن حججت بعد