الذي هو طرف الاختلاف. فإن لم يتيسر ذلك لك، بان كان طرفا الحكم مختلفا فيه، فحينئذ يكون ذلك محل الاشكال. وقد ورد في الرواية فيه وجهان.
أحدهما أنك تتخير أحدهما فتعمل عليه وتترك الاخر. والثاني أن ترجى الحكم وتتوقف فيه حتى تلقى الامام فتسأله عن ذلك.
أقول: إن كان الحكم مما دعتك الضرورة إلى العمل به وتكون محتاجا إليه في أمر دينك أو دنياك، أو كنت مفتيا لغيرك، أو قاضيا فيه بين متخاصمين من إخوانك، ففرضك حينئذ التخيير في أحد الطرفين فتأخذ به وتدع الاخر.
وإذا اخترت أحدهما فعملت عليه أو أفتيت به أو قضيت، لزمك حكمه، ولم يجز لك في وقت آخر، أو واقعة أخرى أن تعمل بالذي تركته أولا. لان حكم الله عز وجل لا اختلاف فيه ولا تناقض، لما تقرر في مذهب الأصحاب: أن لله تعالى في كل واقعة حكما معينا يجب تحصيله. فإذا كان فرضك في تحصيل ذلك المعين هو تخيير أحد حكمي الحديثين المرويين عن أئمة الهدى (عليهم السلام) لم يجز لك بعد تخيير أحدهما وتعينه للحكم أو تعدل عنه إلى الاخر ألا أن يظهر وجه مرجح. وأما إذا لم تكن ضرورة داعية إلى العمل بالحكم كان فرضك الوقوف فيه وارجاءك له حتى تلقى امامك.
كحل الله أبصارنا برؤيته ووفقنا لامتثال أوامره والقيام بخدمته انه على ما يشاء قدير.
وأقول: اللهم امين.