مختصر البصائر - الحسن بن سليمان الحلي - الصفحة ٢٦٣
أهل الباطل، والظاهر منها فروعهم.
ولم يبعث الله نبيا قط يدعو إلى معرفة ليس معها طاعة في أمر أو نهي، وإنما يتقبل الله من العباد العمل بالفرائض التي افترضها على حدودها، مع معرفة من جاءهم بها من عنده ودعاهم إليه، فأول ذلك معرفة من دعا إليه، ثم طاعته فيما افترض فيما يقر به (1) ممن لا طاعة له، وإنه من عرف أطاع، ومن أطاع حرم الحرام، ظاهره وباطنه، ولا يكون تحريم الباطن واستحلال الظاهر، إنما حرم الظاهر بالباطن، والباطن بالظاهر معا جميعا، ولا يكون الأصل والفرع، وباطن الحرام حرام وظاهره حلال، ولا يحرم الباطن ويستحل الظاهر.
وكذلك لا يستقيم أن يعرف صلاة الباطن ولا يعرف صلاة الظاهر، ولا الزكاة، ولا الصوم، ولا الحج، ولا العمرة، ولا المسجد الحرام، ولا جميع حرمات الله (ولا شعائر الله) (2)، وأن تترك بمعرفة الباطن لأن باطنه ظهره، ولا يستقيم واحد منهما إلا بصاحبه إذا كان الباطن حراما خبيثا، فالظاهر منه حرام خبيث، إنما يشبه الباطن بالظاهر.
من زعم أن ذلك أنها (3) المعرفة، وأنه إذا عرف اكتفى بغير طاعة فقد كذب وأشرك، وذلك لم يعرف ولم يطع، وإنما قيل: اعرف واعمل ما شئت من الخير فإنه يقبل ذلك منه، ولا يقبل ذلك منك بغير معرفة، فإذا عرفت فاعمل لنفسك ما شئت من الطاعة والخير قل أو كثر، (بعد أن لا تترك شيئا من الفرائض والسنن

1 - في نسخة " س وض ": فيما امر به، بدل: فيما يقر به.
2 - في نسخة " ض ": وشعائره.
3 - في البصائر: إنما هي.
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»