والمعرفة على وجهين: معرفة ثابتة على بصيرة يعرف بها دين الله (1)، فهذه المعرفة الباطنة الثابتة بعينها، الموجب حقها، المستوجب عليها الشكر لله، الذي من عليكم بها منا من الله، يمن به على من يشاء من عباده مع المعرفة الظاهرة.
ومعرفة في الظاهر، فأهل المعرفة في الظاهر الذين علموا أمرنا بالحق على غير علم به، (لا يستحق أهلها ما يستحق أهل المعرفة بالباطن (2) على بصيرتهم، ولا يصلوا بتلك المعرفة المقصرة إلى حق معرفة الله، كما قال في كتابه * (ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون) * (3) فمن شهد شهادة الحق لا يعقد عليه قلبه، (ولا يبصر ما يتكلم به، لم يثبه الله عليه ثواب من عقد عليه قلبه على بصيرة فيه) (4).
وكذلك من تكلم بجور لا يعقد عليه قلبه، لا يعاقب عليه عقوبة من عقد قلبه وثبت عليه على بصيرة، وقد عرفت كيف كان حال أهل المعرفة في الظاهر، والإقرار بالحق على غير علم في قديم الدهر وحديثه، إلى أن انتهى (5) الأمر إلى نبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبعده إلى من صاروا (6)، وإلى ما انتهت به معرفتهم، وإنما عرفوا بمعرفة أعمالهم، ودينهم الذي دانوا به الله عز وجل، المحسن بإحسانه، والمسئ بإساءته، وقد يقال: