مختصر البصائر - الحسن بن سليمان الحلي - الصفحة ٢٦٨
وأما ما ذكرت أنهم يستحلون الشهادات بعضهم لبعض على غيرهم، فإن ذلك لا يجوز ولا يحل، وليس هو على ما تأولوا لقول الله عز وجل * (يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت) * (1) فذلك إذا كان مسافرا وحضره الموت أشهد اثنين ذوا عدل من أهل دينه، فإن لم يجد فآخران ممن يقرأ القرآن من غير أهل ولايته * (تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين * فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان - من أهل ولايته - فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين * ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم واتقوا الله واسمعوا) * (2).
وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقضي بشهادة رجل واحد مع يمين المدعي ولا يبطل حق مسلم، ولا يرد شهادة مؤمن، فإذا أخذ يمين المدعي وشهادة الرجل الواحد قضى له بحقه، وليس يعمل اليوم بهذا وقد ترك، فإذا كان للرجل المسلم قبل آخر حق فجحده ولم يكن له شاهد غير واحد، فهو إذا رفعه إلى بعض ولاة الجور أبطلوا حقه، ولم يقضوا فيه بقضاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد كان في الحق أن لا يبطل حق رجل مسلم، وكان يستخرج الله على يديه حق رجل مسلم، ويأجره الله عز وجل

١ - المائدة ٥: ١٠٦.
٢ - المائدة ٥: 106 - 108.
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 273 274 ... » »»