وقال بعضهم: هو علي بن محمد بن عبد الرحيم ونسبه في عبد القيس وأمه قرة بنت على ابن حبيب من بنى أسد بن خزيمة، خرج بالأهواز في خلافة المهتدى بالله ثم سار إلى البصرة وملكها وكان قد استغوى الزنج وهم إذ ذاك بالبصرة والأهواز ونواحيها كثيرون وكان أهل تلك النواحي يشترونهم ويستعملونهم في املاكهم وضياعهم وبساتينهم وتابعه جماعة من الاعراب وغيرهم وفعل ما لم يفعله أحد قبله، وتوجه إلى بغداد زمن المعتمد على الله أبى العباس أحمد بن المتوكل، فقام بحربه طلحة بن المتوكل وهو الملقب بالموفق وهو إذ ذاك القائم بأمور الخلافة وإن كان المتسمى بها اخوه، فلم يزل يكايده جيلة ومكابرة ومناهرة ومصابرة إلى أن قتله في يوم السبت لليلتين بقيتا من صفر سنة ثلاث وسبعين ومائتين وكان المدبر لأمر الحرب والناظر في أمور الموفق صاعد بن مخلد، وكانت مدة صاحب الزنج من وقت ظهوره إلى وقت قتله أربع عشره سنة وأربعة أشهر وستة أيام.
وكان قاسى القلب ذميم الافعال وحسبه من ذلك تمكن الزنج من دماء المسلمين ونسائهم وأموالهم: ويحكى أن امرأة علوية أسرها زنجي وكان يسئ إليها فعارضته ذات يوم اشتكت إليه ما يفعل بها الزنجي فقال لها: أطيعي مولاك.
وقد قيل إنه كان خارجي المذهب يرى تكفير من ليس على رأيهم من أهل القبلة وكان صاحب الزنج مع شدة قبله وقوة نفسه فصيح اللسان شاعرا، أنشدني له النقيب تاج الدين:
الموت يعلم لو بدا * لي خلقه ما هبت خلقه والسيف يعلم أنني * أعطيه يوم الروع حقه ومدجج كره الكماة * نزاله فضربت عنقه وقبلت ما أوصى به * جدي أبى وسلكت طرقه وعلمت أن المجد ليس * ينال إلا بالمشقه