فسكت المتكلم كأنما ألقم حجرا.
ثم ذهب إليها طلحة وخالد بن عنان في التزوج بها وطرحا إليها ثوبين (1) فقالت: لست بعريانة فتكسوني. قيل لها: إنهما يريدان أن يتزايدا عليك، فأيهما زاد على صاحبه أخذك من السبي.
قالت: هيهات والله لا يكون ذلك أبدا، ولا يملكني ولا يكون لي بعل إلا من يخبرني بالكلام الذي قلته ساعة خرجت من بطن أمي.
فسكت الناس ينظر بعضهم إلى بعض، وورد عليهم من ذلك الكلام ما أبهر عقولهم وأخرس ألسنتهم، وبقي القوم في دهشة من أمرها (2).
[فقال أبو بكر: ما لكم ينظر بعضكم إلى بعض؟ قال الزبير: لقولها الذي سمعت].
فقال أبو بكر: ما هذا الامر (3) الذي أحصر أفهامكم، إنها جارية من سادات قومها ولم يكن لها عادة بما لقيت ورأت، فلا شك أنها داخلها الفزع، وتقول ما لا تحصيل له.
فقالت: لقد رميت بكلامك (4) غير مرمي - والله - ما داخلني فزع ولا جزع و - والله - ما قلت إلا حقا، ولا نطقت إلا فصلا (5)، ولا بد أن يكون كذلك وحق صاحب هذه البنية (6) ما كذبت ولا كذبت.
ثم سكتت وأخذ طلحة وخالد ثوبيهما، وهي قد جلست ناحية من القوم.
فدخل علي بن أبي طالب عليه السلام فذكروا له حالها، فقال عليه السلام: هي صادقة فيما قالت، وكان من حالها وقصتها كيت وكيت في حال ولادتها، وقال: