مولاك. ثم قال لهم: إني أحتاج أن أكلم رئيسكم بكلمة، وأعطيه الرأس.
فدنا عمر بن سعد منه فقال: سألتك بالله، وبحق محمد صلى الله عليه وآله ألا تعود إلى ما كنت تفعله بهذا الرأس، ولا تخرج هذا الرأس من هذا الصندوق. فقال له: أفعل.
فأعطاهم الرأس ونزل من الدير، فلحق ببعض الجبال يعبد الله.
ومضى عمر بن سعد، ففعل بالرأس مثل ما كان يفعل في الأول.
فلما دنا من دمشق، قال لأصحابه: أنزلوا. وطلب من الجارية (١) الجرابين، فاحضرا بين يديه، فنظر إلى خاتمه، ثم أمر أن يفتحا، فإذا الدنانير قد تحولت خزفية، فنظروا في سكتها فإذا على جانب مكتوب: (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون) (٢).
وعلى الوجه الآخر: ﴿وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون﴾ (3).
فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، خسرت الدنيا والآخرة.
ثم قال لغلمانه: اطرحوها في النهر. فطرحت، فدخل دمشق من الغد، وأدخل الرأس إلى يزيد، عليه اللعنة، فابتدر قاتل الحسين إلى يزيد، فقال:
إملأ ركابي فضة أو ذهبا * إني قتلت الملك المحجبا قتلت خير الناس اما وأبا * ضربته بالسيف حتى انقلبا فأمر يزيد بقتله، وقال: حين علمت أنه خير الناس اما وأبا، لم قتلته؟!
وجعل الرأس في طشت، وهو ينظر إلى أسنانه وهو يقول:
ليت أشياخي ببدر شهدوا * جزع الخزرج من وقع الأسل فأهلوا واستهلوا فرحا * ثم قالوا (4) يا يزيد لا تشل فجزيناهم ببدر مثلها * وبأحد يوم أحد فاعتدل