النوادر - فضل الله الراوندي - الصفحة ١٠
من العلوم الإسلامية أو كلها) (1).
ولكن كيف وصل الحديث إلى أيدينا؟ وكيف انتهت السنة الشريفة، بوصفها الميراث النفيس للمعصومين عليهم السلام، إلينا؟
هذا الموضوع له حكاية طويلة يمتزج الحديث عنها مع مرارة تاريخ الثقافة والحضارة الإسلامية. فالأحداث السياسية التي حصلت من بعد رحيل رسول الله صلى الله عليه وآله استتبعت من ورائها تقلبات ثقافية واسعة. فكان منع تدوين (2) الحديث ونشره وفرض بعض القيود في هذا المضمار سببا لتفشي ظاهرة جعل وتحريف هذا الميراث الغني. كما أدت تلك الأسباب مضافا إليها أسباب أخرى إلى أن تمتد أيدي الزيف والنفاق لغرس الأشواك في تلك الروضة المحمدية البهية ونشروا فيها الأعشاب الضارة، عبر السبل التي انتهجها أصحاب الآراء والمعتقدات الأخرى. فشوهوا وجهها الناصع بتلك الاغراض والمآرب.
ينبغي القول أن اتباع المذهب العلوي (3) من ذوي الفطرة السليمة والفكر

(1). من كلمة سماحة ولي أمر المسلمين السيد علي الخامنئي بمناسبة افتتاح مؤسسة دار الحديث الثقافية في عام 1416 ه‍. ق.
(2). أن المصادر التاريخية والشواهد الكثيرة تشير إلى أن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله الذي كان عليه بيان الحقائق القرآنية كان صلى الله عليه وآله يبين عقائد الإسلام وشرائعه وأحكامه في ضوء أحاديث يحدث بها أتباعه والمؤمنين به، ولذا حثهم في مواضع متعددة على كتابة تلك الأحاديث وتدوينها ونشرها كما قال صلى الله عليه وآله في رواية عبد الله بن عمرو حين قال: قلنا: يا رسول الله إن نسمع منك أشياء لا نحفظها، فنكتبها؟ قال صلى الله عليه وآله: بلى، فاكتبوها. وقال هو أيضا: كنت أكتب كل شئ أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله وأريد حفظه....
(3). منهم أبو رافع كاتب النبي صلى الله عليه وآله، وسلمان الفارسي، وأبو ذر الغفاري، وعبيد الله بن أبي رافع، والحارث بن عبيد الله، وربيعة بن سميع، وسليم بن قيس الهلالي الكوفي، وعلي بن أبي راف، وعبيد الله بن الحر، ومحمد بن قيس البجلي، ويعلي بن مرة.
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 3 7 9 10 11 12 13 14 15 17 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة