اليسار والديانة، فقالت في بعض السنين: يا ابن عم، حج بي في هذه السنة. فأجابها إلى ذلك، فتجهزوا (1) للحج، وحملت لعيال أبي عبد الله عليه السلام وبناته من فواخر ثياب خراسان، ومن الجواهر والبز (2) أشياء كثيرة خطيرة، وصير زوجها ألف دينار التي أعدها في كيس لأبي عبد الله عليه السلام، وصير الكيس في ربعة (3) فيها حلي وطيب.
فلما ورد المدينة صار إلى أبي عبد الله عليه السلام، فسلم عليه، وأعلمه أنه حج بأهله، وسأله الاذن لها في المصير إلى منزله، للتسليم على أهله وبناته، فأذن لها أبو عبد الله عليه السلام فصارت إليهم، وقربت ما حملت إليهن، فأقامت يوما عندهن وانصرفت.
فلما كان من الغد قال لها زوجها: أخرجي تلك الربعة لنسلم الألف إلى أبي عبد الله عليه السلام. فقالت: هي في موضع كذا.
فأخرجها، وفتح القفل، فلم يجد الدنانير، وكان فيها حليها (4) وثيابها، فاستقرض ألف دينار من أهل بلده ورهن الحلي بها، وصار إلى أبي عبد الله عليه السلام، فقال له: " قد وصلت الألف إلينا ".
قال: وكيف ذلك؟ وما علم غيري بمكانها، وغير ابنة عمي!
قال: " مستنا ضيقة، فوجهنا من أتى بها، من شيعتي من الجن، فإني كلما أريد أمرا " بعجلة أبعث أحدا " منهم ".
فزاد ذلك في بصيرة الرجل وسر به واسترجع الحلي ممن رهنه ثم انصرف إلى منزله، فوجد امرأته تجود بنفسها، فسأل عن خبرها،