غيره ولا يجوز أيضا أن تكون ارادته لا فيه ولا في غيره لأنه عرض والعرض يفتقر إلى محل يحملها ويصح بوجوده وجودها ولو جاز ان يوجد إرادة لا في مريد بها ولا في غيره لجاز ان يوجد حركة لا في متحرك بها ولا في غيره (فإن قيل) ان الحركة هيئة للجسم وليس يجوز أن تكون هيئة غير حالة فيه (قلنا) ولم لا يجوز ذلك (فإن قيل) لأن يتغير هيئة الجسم مدرك بالحاسة فوجب ان يكون المعنى الذي يعتبر به حالا فيه (قلنا) وكذلك المريد للشئ بعد ان لم يكن مريدا له قد يتغير عليه حس نفسه فوجب أن تكون ارادته تحله (فإن قيل) بأي شئ من الحواس تحس الإرادة قلنا وبأي شئ من الحواس يحس الصداع (فإن قيل) ان الانسان يدرك ألم الصداع في موضعه ضرورة قلنا فلم يزكم أشرتم إلى حاسة بعينها أدركه بها (ولنا) ان نقول وكذلك المريد في الحقيقة يعلم بتغير حسه ويدرك ذلك من نفسه ضرورة (فصل) من كلام شيخنا المفيد رضي الله عنه في الإرادة قال الإرادة من الله جل اسمه نفس الفعل ومن الخلق الضمير وأشباهه مما لا يجوز إلا على ذوي الحاجة والنقص وذاك ان العقول شاهد بان القصد لا يكون إلا بقلب كما لا تكون الشهوة والمحبة إلا لذي قلب ولا تصح النية والضمير والعزم إلا على ذي خاطر يصور معها في الفعل الذي يغلب عليه الإرادة له والنية فيه والعزم ولما كان الله تعالى يجل عن الحاجات و يستحيل عليه الوصف بالجوارح والآلات ولا يجوز عليه الدواعي والخطرات بطل ان يكون محتاجا في الافعال إلى القصور والعرفات وثبت ان وصفة بالإرادة مخالف في معناه لوصف العباد وانها نفس فعله الأشياء واطلاق الوصف بها عليه مأخوذ من جهة الاتباع دون القياس وبذلك جاء الخبر عن أئمة الهدى عليهم السلام قال شيخنا المفيد رحمه الله اخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه عن محمد بن يعقوب الكليني عن أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان يحيى قال قلت لأبي الحسن عليه السلام اخبرني عن الإرادة من الله تعالى ومن الخلق فقال الإرادة من الخلق الضمير وما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل والإرادة من الله تعالى احداثه الفعل لا غير ذلك لأنه جل اسمه لا يهم ولا يتفكر قال شيخنا المفيد رحمه الله وهذا نص من مولانا عليه السلام على اختياري في وصف الله تعالى بالإرادة وفيه نص على مذهب لي آخر منها وهو ان إرادة العبد تكون قبل فعله والى هذا ذهب البلخي والقول في تقدم الإرادة للمراد كالقول في تقدم القدرة للفعل وقول الإمام عليه السلام في الخبر المقدم ان الإرادة
(٢٦)