كنز الفوائد - أبو الفتح الكراجكي - الصفحة ٢٢
يفهم ذلك من تأمله (فصل) في تمييز صفات الله تعالى اعلم أن جميع ما يوصف الله سبحانه به ينقسم على قسمين فقسم يوصف به على حقيقة والمراد به معنى الوصف وقسم يوصف به مجازا واتساعا و المراد غير حقيقة ذلك الوصف وصفات الحقائق ينقسم أيضا قسمين فقسم صفات ذاتية وهي التي لم يزل عليها ولا يزول عن استحقاقها وقسم صفات أفعال وهي التي تجددت عند فعله الافعال ولا يصح ان يقال إنه عليها فيما لم يزل بيان صفات الذات والدليل عليها وهي قولنا حي باق وقادر وعالم وكذلك موجود وقديم فهذه صفات استحقها لنفسه لا لمعنى آخر والدليل على ذلك أنه لو كان حيا بحياة وباقيا ببقاء وقادرا بقدرة وعالما بعلم كان حياته وبقاءه وقدرته وعلمه لا يخلو عن حالين أما ان يكون معاني قديمة معه وأما أن تكون حادثة فلو كانت قديمة لشاركته في أخص صفاته وماثلته فيبطل التوحيد وقد تقدمت الأدلة على صحته وأيضا فلو ماثلت الصفة للموصوف لم تكن صفة له بأولى من أن يكون هو صفة لها وإن كانت هذه المعاني الموصوف بها أعني الحياة والبقاء والقدرة والعلم حادثة وجب ان يكون قبل حدوثها غير مستحق للوصف بها وقد ثبت الأدلة على أنه سبحانه لم يزل حيا باقيا قادرا عالما ولو كانت أيضا حادثة لم يكن لها غناء عن محدث أحدثها ولا يصح ان يكون محدثا غيره تعالى لأنه الفاعل الأول والقديم الذي لم يزل فكيف يفعل الحياة لنفسه من ليس بحي أو يحدث القدرة من ليس بقادر والعاقل يعلم أن هذا مستحيل باطل فعلم أنه حي وباق وقادر وعالم لنفسه لا لمعان غيره وربما اطلق اللفظ اتساعا بان له قدرة وعلما قال الله سبحانه كذا والمعنى أنزله وهو عالم به ويقول المتكلمون قدرة الله عظيمة والمعنى التعظيم لمقدوره وانه لا يعجزه شئ اراده فاما عند التحقيق فهو قادر عالم لنفسه وقد روى عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال في كلام له وحد الله تعالى وليس بينه وبين معلومه علم غيره به كان عالما بمعلومه وهذا القول عنه عليه السلام انه تعالى عالم لنفسه وذاته وانه لا علم في الحقيقة له تعالى الله الذي ليس كمثله شئ وقد ذهب المجبرة إلى أن الله تعالى موصوف بصفات قديمة معه وانها ليست غيره ولا بعضها غير بعض وهذا خروج عما يعقل ويفهم لان العقول
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»