وراحم في القدم وجب ان يكون فاعلا للرزق والرحمة فيما لم يزل وأن يكون المرزوق المرحوم شريكا له في القدم وكذلك قولنا متكلم يقتضى وجود كلام إذا تكلم فكلام الله تعالى أحد أفعاله كما أن رزقه أحد أفعاله و هو موجود قبل كلامه فاما صادق فلا يصح إلا بعد صحة التكلم والجميع صفات أفعال على ما تبين (فصل) في فروق صفة الذات وصفة الفعل الفروق بينهما كثيرة فمنها ان تنظر الصفة التي تصف الله تعالى بها فإن كانت داخلة في باب المضاف فهى صفة نفسيه كقولنا موجود وقديم وباق وحي وكذلك إن كانت تقتضي اضافته إلى أمر غير موجود كقولنا قادر فالقادر لا يكون قادرا إلا على مقدور ولكن المقدور غير موجود ويجرى مجرى ذلك قولك عالم لأنه لا يكون عالما إلا بمعلوم وقد يصح ان يكون المعلوم معدوما غير موجود فاما ما سوى ذلك من الصفات الداخلة في باب المضاف المقتضية اثبات غير الموصوف مما يكون موجودا غير معدوم فكلها صفات أفعال فرق آخر ومنها ان كل صفة تصف الله تعالى بها ولا يجوز ان يدخلها التخصيص فتثبتها له في حال وتنفيها منه في أخرى فهى صفة نفسية كقولك موجود وحى وقادر وعالم فإنه لا يجوز ان ينتفى عنه ولا يتخصص شئ من ذلك وكل صفة تصفه بها ويجوز التخصيص فيها فتثبتها له في حال وتنفيها عنه في غيرها فهى صفة فعل كقولك فاعل وراحم ورازق ومتكلم فإنك تقول انه سبحانه يفعل الخير ولا يفعل الشر ويرحم المؤمن ولا يرحم الكافر ويرزق زيدا ولا يرزق عمرا وكلم الله موسى عليه السلام ولم يكلم فرعون فيكون فيها صفات أفعال صح فيها التخصيص وهذا واضح فرق آخر وهو ان كل ما استحال ان يوصف بالقدرة عليه وعلى ضدة فهو من صفات ذاته الا ترى انه يستحيل قولك يقدر اي يحيي ويقدر على الاحياء ويقدر على أن لا يقدر ويقدر على أن يعلم ويقدر على أن لا يعلم فهذه صفات ذات فاما إن كان ما يوصف به يصح ان يوصف بالقدرة عليه وعلى ضده فهو من صفات الافعال الا ترى انك تقول يقدر ان يفعل ويقدر ان لا يفعل ويقدر ان يرحم ويرزق ويقدر ان لا يرحم ولا يرزق ويقدر ان يتكلم ويقدر ان لا يتكلم فهذه كلها صفات أفعال فافهم ذلك (بيان صفات المجاز) فاما الذي يوصف الله تعالى به ومرادنا غير حقيقة الوصف في نفسه فهو كثير فمنه مريد وكاره وغضبان وراض ومحب ومبغض وسميع وبصير
(٢٤)