كنز الفوائد - أبو الفتح الكراجكي - الصفحة ٢٣
شاهدة بان الأشياء التي يقع عليها العدد ويشملها الوجود ويختص كل منها بدليل لا يكون الا غيارا بعضها سوى بعض وقد قال لهم أهل العدل إذا كانت لله تعالى صفات قديمة وليست غيره بقولها انها أو هي هو فإن العقل يقضى بأنه لا بد لكم في اثباتكم لها من أحد هذه الثلاثة الأقسام قالت المجبرة كل واحد من هذه الثلاثة الأقسام قد ثبت الدليل على بطلانه فلا سبيل إلى قوله ولكنا نقول ليست الصفات عين الموصوف ولا غيره ولا بعضه فقال لهم أهل العدل وقد هربتم من أن تقولوا بأحد هذه الأقسام لبطلانه وصرتم إلى ادعاء ما لا يتصور العقول صحته بل يشهد بفساده وبطلانه فاخبرونا ما الفرق بينكم في قولكم ان صفاته لا هي هو ولا غيره ولا بعضه قالت المجبرة هذا القول مناقضة حالت العدلية وقولكم في التناقض مثله وأي شئ أردتموه في ابطال ما عارضناكم به فقولكم يبطل بمثله وقد قالت المجبرة أيضا في نصرة مذهبها انا لم نر عالما إلا وله علم ولا قادرا إلا وله قدرة فلما كان الله عالما قادرا وجب ان يكون له علم وقدرة قال لها أهل العدل انكم إنما عولتم في ذلك على الشاهد فقولوا إن علم الله تعالى غيره وكذلك قدرته غيره لأنكم لم تروا في الشاهد عالما قادرا إلا وهذا حكمه وقولوا أيضا ان علم الله تعالى محدث وكذلك قدرته وجميع صفاته لأنكم لم تروا ذا صفات إلا وصفاته محدثة فاحتالوا في الخلاص مما لزمكم على سنن قياسكم (بيان صفات الافعال) اعلم أن صفة الفعل هي كل صفة داخلة في باب المضاف ومعنى ذلك ان يكون يقتضى وجود غير الموصوف كقولنا اله ورب ومالك وفاعل وجواد ورازق وراحم ومتكلم وصادق ونحو ذلك لأنا قد بينا ان الاله والها والوالد لا يكون إلا موجودا والرب يقتضى مربوبا ولا يرب المعدوم وانما يصح ذلك بعد وجوده وكذلك مالك يقتضى وجود المملوك لأنه لا يقال قد ملك المعدوم وفاعل صفة لا شبهة في أنها لا تصح إذا وجد المفعول نعوذ بالله من القول بان القديم لم يزل فاعلا لأن ذلك يقتضى انه لم يتقدم أفعاله فيصير الفاعل قديما وجميع صفات الافعال جارية هذا المجرى لمن تأملها الا ترى لو قلنا إنه جواد فيما لم يزل اقتضى ذلك فعله للجود فيما لم يزل ووجود من يجود عليه أيضا فيما لم يزل وكذلك لو قولنا رازق
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»