كنز الفوائد - أبو الفتح الكراجكي - الصفحة ١٨
آمنا) (اتته المنايا رقدة بعد ما هجع) (فلم يستطع إذ جاءه الموت بغته) (فرارا ولا منه بحيلة انتفع) (فأصبح تبكيه النساء مكفنا) (ولا يسمع الداعي إذا صوته رفع) (وقرب من لحد فصار مقيله) (وفارق ما قد كان بالأمس قد جمع) (فصل) وفي ذكر الموت والقتل وما بينهما اعلم أن الموت غير القتل والذي يدل على أنهما غير أن قول الله عز وجل فإن مات أو قتل وقوله تعالى ولئن متم أو قتلتم وقوله سبحانه ما ماتوا وما قتلوا وليس يجوز ان يكون التأكيد والتكرير في اللفظين يرجعان إلى معنى واحد ويدل على ذلك أيضا العلم بان الله سبحانه ليس بقاتل لمن مات حتف انفه ولو قال قائل في ميت ان الله قتله لأعاب العقلاء عليه والموت والقتل عرضان وليسا بجسمين وقد قال شيخنا المفيد رضي الله عنه ان القتل متولد عن الأسباب ومحله محل حياة الأجسام والموت معنى يضاد حياة الفاعل المخلوق ولا يصح حلوله في الأجسام قال وهذا مذهب يختص بي والقتل عند جميع أهل العدل من مقدورات العباد والموت لا يقدر عليه أحد إلا الله تأويل آية ان سئل سائل عن قول الله سبحانه وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت فقال كيف يصح ان يسئل من لا عقل وأي فائدة في سؤالها عن ذلك ولا ذنب لها وما الموؤدة ومن أي شئ اشتقاق هذه اللفظة (جواب) قلنا في قوله تعالى سئلت وجهان أحدهما ان يكون المراد ان قاتلها طولب بالحجة في قتلها وسئل عن سبب قتله لها وباي ذنب قتلها وذلك على سبيل التوبيخ والتعنيف وإقامة الحجة فالقتلة ههنا هم المسئولون على الحقيقة لا المقتولة مسؤول عنها ومثله قوله تعالى وأوفوا بالعهد ان العهد كان مسؤولا أي مطالبا به ومسئولا عنه (والوجه الأخر) ان يكون السؤال توجه إلى الموؤدة على الحقيقة توبيخا لقاتلها وتقريعا له على أنه لا حجة له في قتلها ويجرى هذا مجرى قوله تعالى لعيسى عليه السلام اونت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله على طريق التوبيخ لقومه وإقامة الحجة عليهم (فإن قيل) على هذا الوجه كيف يخاطب ويسئل من لا عقل له ولا فهم (فالجواب) ان في الناس من زعم أن الغرض بهذا القول إذا كان تبكيت القاتل وتهجينه وادخال الغم عليه في ذلك
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»