ومن العجب: [أن يكون] فضل عمر بن الخطاب عند أبي بكر يقتضي تقديمه مع العلم بكراهية الناس له، ولا يكون فضل أمير المؤمنين [علي] (عليه السلام) عند جميع الأمة يقتضي تقديمه عليهم وإن ظن كراهية بعضهم!
بل من العجب: اعتذارهم في تأخير الفاضل بما قد اعتذروا به مع سماعهم قصة طالوت المذكورة في القرآن (١)، وتلاوتها عليهم ما اتصلت الأيام [وبقي الأنام]، ولا ينتبهون بها من رقدة الضلال، حيث كرهه الناس وقالوا: (أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال) فلم تمنع كراهتهم له من تقديمه، وأخبر الله سبحانه عما أوجب رئاسته عليهم (٢) وتقدمه ف: ﴿قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء﴾ (3) فأخبرهم أن الذي آتاه (4) من علمه وقوته اقتضى تقديمه في حكمته (5)، فكيف لم يعتبروا بهذا من قول الله سبحانه وتعالى فيعلموا أنهم على ضلال في تقديم من عرف ضعفه في علمه وجسمه، على من [قد] حصل الإجماع على أن الله تعالى قد جعله في بسطة من العلم والجسم كطالوت في قومه.
ومن عجيب أمرهم: أنهم اعترفوا بأن أمير المؤمنين (عليه السلام) الفاضل [وأن أبا بكر المفضول، وأقروا بأن الفاضل] بحكم الله تعالى أعلى الناس قدرا، وأرفعهم محلا وذكرا، وأزكاهم عملا، وأولاهم بالمدح والثناء، وأنه لا يحل استنقاصه،