بأبي (1) بكر لما تقدم، وكراهيتهم له [مع علمهم] ومعرفتهم بما كان من أهل اليمامة [وقولهم: إنهم ارتدوا عن الإسلام حتى أنفذ إليهم أبو بكر خالدا في جيش لقتالهم وقول أهل اليمامة] لخالد بن الوليد: " والله لا أطعنا أبا (2) فصيل أبدا "، وقول خالد لهم: " والله لا رفعنا السيف عنكم حتى تسموه (3) بالفحل الأكبر " (4) فكان من أمرهم معه ما قد اشتهر من الحرب المبيرة، والفتنة العظيمة، وسفك الدماء، وسبي الحريم، وهلاك من لا يحصى، ثم اختلاف من سواهم [عليه] ممن يبسط في ذكره (5) الخطاب، ويطول بوصفه الكتاب، فما يرى الخلف والارتداد [حصلا] إلا بتقديم أبي بكر على الناس.
ومن العجب: نسيانهم عند هذا الاعتذار كراهية القوم (6) تقديم أبي بكر عمرا عليهم، ونفورهم من نصه عليه (7)، حتى خوفوه الله عز وجل وقالوا له: ما أنت قائل إذا لقيته وقد وليت علينا فظا غليظا، والله ما كنا نطيقه وهو رعية فكيف إذا ملك الأمر؟ فاتق [الله] ولا تسلطه على الناس، فغضب وقال [لهم]: أبالله تخوفوني؟ أقول له: يا رب وليت عليهم خير أهلك (8).