المعنى اللغوي المتعارف فهمه بين أهل تلك اللغة، وهي خاصة بأهل ذلك الفن، ولا تعرف إلا من جهتهم، ولا يدخلها القياس، ولا يمكن تأويلها بأي شكل، فهي كلغة أجنبية لمن لم يطلع على وضعها، فالعلم بالوضع من أهم شرائط معرفة اللغة.
والعلم بهذه الأوضاع لا يحصل إلا من جهة أصحاب كل فن، والمؤلفين فيه، والواقفين على أسراره.
وهذه الحاجة، وتلك الضرورة، عامتان في كل العلوم والفنون، ولكن، كلما كان العلم أوغل في النظرية والعقلانية، كانت الحاجة أمس، والضرورة ألح، لتعقد المعاني المرادة وصعوبتها الأكثر.
وعلم الكلام الاسلامي، هو من العلوم النظرية التي احتوت على مصطلحات خاصة، ودقيقة، فمن الواضح - إذن - حاجته إلى معرفة مصطلحاته لطالبي مسائله ومعارفه، وبالأخص للمبتدئين في الطلب.
وقد أوضح الشيخ الطوسي هذه النقطة بكل جلاء، فقال:
"... الألفاظ المتداولة بين المتكلمين، وبيان أغراضهم منها، فلهم مواضعات مخصوصة، ليست على موجب اللغة، ومن نظر في كتبهم وكلامهم ولا يعرف مواضعاتهم لم يحظ بطائل، وإذا وقف على مرادهم ثم نظر - بعد ذلك - في ألفاظهم حصلت بغيته، وتمت منيته... ".
جاء ذلك في افتتاح كتابه الذي شرح فيه المصطلحات الكلامية، وسماه ب " المقدمة... " كما سيأتي.
والشيخ المفيد سبق كل الكلاميين في تأليف كتاب يتكفل شرح المصطلحات الكلامية، وهو هذا الكتاب الذي نقدم له، ونقدمه محققا.
فسماه " النكت في مقدمات الأصول ".