وقد قال الله عز وجل: {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين} (1).
وقال تعالى: {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الأنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا} (2).
وكان الجمهور في زمان أكثر الأنبياء أتباع المجرمين، فضل بهم أكثر أممهم وغيروا شرائعهم، وصدوا عن سبيلهم، ودعوا إلى غير دينهم، ولم يدعهم إلى ذلك شرف المضلين، ولا عزهم في عشائرهم، ولا كثرة أموالهم، وإنما دعاهم إليه ما ذكرناه من الداعي إلى تقديم من سميناه.
ولو ذهبنا إلى تتبع هذا المعنى وتعداد من حصل له وشرح الأمر فيه، لطال الخطاب، وفي الجملة أن الأغلب في حصول الدنيا لأهلها، والأكثر فيها تمام الرئاسة لأهل الجهل، والمعهود في ملكها والغلبة عليها لأهل الضلال والكفر، وإنما يخرج عن هذا العهد إلى أهل الإيمان وذوي الفضل والكمال في النادر الشاذ، ومن دفع ما وصفناه، وأنكر ما شرحناه، كان جاهلا أو مرتكبا للعناد.
فصل ثم يقال لهم: لسنا ننكر أن تقديم المفضول على الفاضل مخالف لأحكام العقول، وأن سياسة الناقص الكامل من الحكم المعكوس