إبراهيم أبا الحسن (عليهما السلام) حين حمل إلى العراق أن ينام على بابه في كل ليلة، فكنا في كل ليلة نفرش له في الدهليز، ثم يأتي بعد العشاء الآخرة، فينام، فإذا أصبح أنصرف إلى منزله، وكنا ربما خبأنا الشئ مما يؤكل فيجئ حتى يخرجه، ويعلمنا أنه قد علم به.
فمكث على هذه الحال نحو أربع سنين، وأبو إبراهيم (عليه السلام) مقيم في يد السلطان ذاهبا جائيا في حال رفاهة وإكرام، وكان الرشيد يرجع إليه في المسائل، فيجيبه عنها.
ثم كان من البرامكة ما كان في السعي على دمه، والاغراء به، حتى حبسه في يد السندي بن شاهك، وأمره الرشيد بقتله في السم.
فلما كان في ليلة من الليالي وقد فرشنا لأبي الحسن الرضا (عليه السلام) على عادته أبطأ عنا، فلم يأت كما كان يأتي، فاستوحش العيال وذعروا، وداخلنا من إبطائه أمر عظيم.
فلما أصبحنا أتى الدار، ودخل قاصدا إليها من غير إذن، ثم أتى أم حميد (1) فقال لها: هات الذي أودعك أبي (عليه السلام). وسماه لها، فصرخت ولطمت، وشقت ثيابها، وقالت: مات، والله، سيدي. فكفها، وقال لها: لا تكلمي بهذا، ولا تظهريه (2) حتى يجئ الخبر إلى والي المدينة.
فأخرجت إليه سفطا فيه تلك الوديعة والمال، وهو ستة آلاف دينار، وسلمته إليه، وكتمت الأمر، فورد الخبر إلى المدينة، فنظر فيه، فوجد قد توفي في الوقت، صلى الله عليه (3).
334 / 32 - وروى محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن محمد بن الفضيل، قال: لما كان في السنة التي بطش فيها هارون بجعفر بن يحيى، وحبس يحيى