الإمامة كما يلي:
1 - النص: إن الإمامة منصب إلهي مقدس لا يتحقق لأحد إلا بنص من الله (تعالى)، أو من نبيه المصطفى الذي لا ينطق عن الهوى * (إن هو إلا وحي يوحى) *.
وما كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي بعث رحمة للعالمين، وليرفع من بين الناس أسباب الخلاف والفرقة، ويزرع بينهم كل ما من شأنه أن يؤلف بينهم، وينظم أمرهم، ويحفظ فيهم العدل والانصاف، فلا يمكن أن يفارق أمته ويتركها هملا، تتحكم فيها الآراء والاجتهادات المتباينة، فيعود أمرها فوضى، وكأن نبيا لم يبعث فيها أو كان الله (تعالى) لم يرسل إليهم شريعة واحدة تجمعهم وتنظم أمرهم.
بل إن النبي، الرحمة المهداة، هو أرحم بأمته من أن يتركها هكذا، وهو أحرص على رسالته من أن يدعها تحت رحمة آراء شتى واجتهادات متضاربة، بل قد يعد أمر كهذا إخلال بالأمانة التي كلف النبي (صلى الله عليه وآله) بأدائها، وتقصير بحق الرسالة التي بعث لتبليغها، وكل هذا بعيد عن ساحة النبوة كل بعد، فأي مسلم لا يؤمن بأن نبينا الأكرم (صلى الله عليه وآله) قد أدى أمانة ربه أحسن الأداء، وبلغ رسالته أتم تبليغ؟
وأي معنى سيبقى لأداء الأمانة ما لم يستأمن عليها رجلا كفوءا يتولى حمايتها وإقامة حدودها وتنفيذ أحكامها؟!
ولقد أتم ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أداء لأمانته، فنص على وصيه وخليفته من بعده، وسماه باسمه في غير موضع ومناسبة، ومن ذلك:
أ - الحديث المتواتر في خطبة الغدير الشهيرة، حيث أوقف النبي (صلى الله عليه وآله) مائة ألف من المسلمين حجوا معه حجة الوداع وعادوا معه، فلما بلغوا غدير خم حيث مفترق طرقهم إلى مواطنهم، نادى مناديه أن يرد المتقدم، وينتظر المتأخر حتى يلحق، ثم قام فيهم خطيبا وهو آخذ بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام).
فقال: " ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم " قالوا: بلى. قال: " من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه " (1).